والكلأ والنار لنقل ذلك إلينا ودوّنه أهل العلم في مدوناتهم، لكن الأمر على
العكس من ذلك، وهل طرق التحمل والأداء إلا واحدة من مظاهر الرعاية
لحرمة المؤلفين في مؤلفاتهم؟ وهل طرق التناقل لها من بيع وشراء ووقف
ونحوه إلا دليل على ملكيتها وماليتها؟
19- ومن آثار حمايتها دفع تسلط الناشرين من مسلمين وكافرين عليها
حتى لا تكون جواداً رابحاً يغامرون عليه من غير أي عوض. وهل لهذا
نظير في الشريعة أن يعمل الإنسان عملاً يحرم عليه عوضه وينساب
لغيره؟؟
20- قاعدة القرب أن من تعبد ليأخذ عوضاً فهذا هو الذي لا يجوز
أما من أخذ ليتعبد من جهته فهذا يجوز كما أصّل ذلك ابن تيمية رحمه
الله تعالى في النيابة في الحج فإنه بعد إطالة النفس في أخذ العوض
للنائب حصر المسألة بقوله: إن من حج ليأخذ فهذا لا يجوز أما من أخذ
للحج فهذا الذي يجوز.
وجه ذلك: أن من حج وقصد من النيابة في الحج التكسب والمعاوضة
فهذا لا يجوز، أما من أخذ العوض ليحج بأن كان قصده الشوق إلى البيت
الحرام والمواقف والمشاعر وحضور دعوة المسلمين لكن يريد ما يتبلغ به
ويعينه فهذا يجوز.
ومثله يقال في التأليف: إن من ألّف ليأخذ بأن جرد فيه القربة من
تأليفه في علوم الشريعة وكان قصده اكتساب المال وجعل هذه الصفة وسيلة
لجلب المال لا غير فهذا لا يجوز لما علم من أن النية الصالحة في التقرب
بخدمة العلم أساس له، أما من أخذ ليؤلف بأن كانت المعاوضة غير
مقصده الأساس ولكن مقصده التعبد به ونفع المسلمين وإنما أخذ