وفي اللطف للثعالبي قال: (وكان بعضهم يقول: الوراق يأكل من دية عينيه) اهـ.
وقد استمرت الحال على هذا حتى صار ظهور المطابع فاختفت حرفة
النسخ أو كادت، وبقي تدوين أصل التأليف فحسب بقلم مؤلفه ثم دفعه
للمطابع فتنشر منه مئات أو آلاف النسخ في أيام قلائل. فتضعف قيمة
النسخة الخطية للمؤلف إن لم يكن لا قيمة لها. فلا بد إذن من خلاصة
معتصرة عن تاريخ الطباعة التي على أعقابها تولدت نازلة (حقوق الطبع)
مجسدة.
وعليه (?) : فهذه إلمامة مختصرة عن تاريخ الطباعة وتدرج انتشارها حتى
يحصل تمام التصور لنقطة الانطلاق التاريخي لنازلة الاحتفاظ بحقوق
الطبع والتأليف والنشر. لأن ظهور هذه في أعقاب تلك، فلم يعهد قبل
هذا البروز والانتشار ما يسمى بحقوق التأليف أو بحقوق الطبع والنشر
والتوزيع، إذ قاعدة العلم قبول الشركة فيه، لكن في خصوص العلوم
الشرعية يشترط في تحملها أن تكون عن طريق وسائل تحمل العلم
كالإجازة والعرض والمناولة عند المحدثين.
ولهذا فإن من تَسَوَّر العلم بغير طريقه الشرعي يلحقه الإدبار بوصفه
(سارقاً) وكم يرى الناظر في التراجم والمؤلفات ما اكتسب بعد اسم (سرقة
الكتب) ، أو: (استلال الكتب) أو: (السطو العلمي) . وعليه فبيان تاريخ
الطباعة كما يلي: