يتخطاه فعوَّذته بالله وكذلك الآن من كلّ طَرْف عائن1 وصدر خائن. هذا ولو أعارتني خُطباء إياد ألسنتها وكتَّابُ العراق أيديها في وصف أياديه التي اتَّصلت عندي كاتصال السُّعود2 وانتظمت لديَّ في حالَتيْ حُضوري وغيبتي كانتظام العقود. فقلت في ذكرها طالبا أمد الإسهاب وكتبتُ في شكرها مادَّاً أطناب3 الإطناب4 لَما كنت بعد الاجتهاد إلا مائلا في جانب القُصور متأخراً عن الغرض المقصود فكيف وأنا قاصرُ سعي البلاغة قصير باع الكتابة. وعلى هذا فقد صَدِئَ فهمي مع بعدٍ كان عن حضرته وتكدر ماء خاطري لتطاول العهد بخدمته وتكسَّر في صدري ما عجزَ عن الإفصاح به لساني فكأن أبا القاسم الزّعفرانيّ أحد شعراء العصر اللذين أورَدْتُ مُلْحَهم في كتاب "يتيمة الدهر" قد عبَّر عن قلبي بقوله: [من الخفيف]

لي لسان كأنه لي معادي ... ليس يُنبي عن كُنه ما في فؤادي

حَكَمَ الله لي عليه فلو ... أنصف قلبي عرفتَ قدرَ ودادي

فإلى من جمَّل الزمان بمجده وشرَّف أهل الآداب بمناسبة طبعه ونظر لذوي الفضل بامتداد ظله وداوى أحوالهم بطبِّ كرمه أرغب في أن يجعل أيامه المَسْعودة أعظم الأيام السالفة يُمنا عليه ودون الأيام المستقبلة فيما يحب ويحب أولياؤه له وأن يديم إمتاعه بظلّ النعمة ولباس العافية وفِراشِ السلامة ومركب الغبطة ويطيل بقاءه مصونا في نفسه وأعِزّته متمكنا مما يقتضيه عالي همَّته وأن يَجمعَ له المدَّ في العُمر إلى النفاذ في الأمر والفوز بالمثوبة من الخالق والشكر من المخلوقين ويجمع آماله من الدنيا والدين.

وأعود - أدام الله تأييد الأمير السيد الأوحد - لِما افتتحت له رسالتي هذه فأقول: إنّي ما عدلت بمؤلفاتي هذه إلى هذه الغاية عن اسمه ورسمه إخلالا5 بما يلزمني من حق سؤدده بل إجلالا له عمّا لا أرضاه للمرور بسمعه ولحظه وتحاميا بعَرضِ بضاعتي المزجاة على قوة نَقدِهِ وذهابا بنفسي عن أن أهدي للشمس ضوءا أو أن أزيد في القمر نورا فأكون كجالب المسك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015