قال: [لكن السنة لمن أراد نسكاً أن يعين]، الأفضل أن يعين نسكه، فإما أن يكون تمتعاً وإما أن يكون قراناً وإما أن يكون إفراداً، لكن إن تركه بلا تعيين فلا شيء عليه، ثم إنه يصرفه كما تقدم لما شاء.
قال: [وأن يشترط فيقول: اللهم إني أريد النسك الفلاني فيسره لي وتقبله مني وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبسني].
هذا الاشتراط له أثر، وأثره أنه يتحلل بلا دم، فإذا قال: وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فحبسه حابس فإنه يتحلل ولا شيء عليه.
والمذهب أن له أن يشترط مطلقاً سواء كان خائفاً أو لم يكن خائفاً، هذا هو المشهور في المذهب.
واختار شيخ الإسلام وهو اختيار الشيخ محمد بن عثيمين: أن الاشتراط إنما يستحب للخائف فقط، وأن المؤثر في إسقاط الدم عن المحصر إنما هو الاشتراط الذي يحصل من الخائف دون غيره، قال: لأن الدليل إنما جاء في الخائف، فقد ثبت في الصحيحين: أن ضباعة بنت الزبير قالت للنبي عليه الصلاة والسلام: (يا رسول الله، إني أريد الحج وأجدني شاكية، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني)، زاد النسائي: (فإن لك على ربك ما استثنيت)، فكانت شاكية، ولذا لم يصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه اشترط ولا أنه علمه سائر أصحابه، وإنما علمه الخائف كما في حديث ضباعة رضي الله تعالى عنها.
وعلى ذلك فالخائف هو الذي يشترط، ثم إن حصل له مانع وحبسه حابس فإنه يتحلل ولا شيء عليه، ومن ذلك المرأة التي تخاف الحيض أو النفاس فإنها تشترط ثم لها أن تتحلل ولا شيء عليها، أو الرجل يخاف أن يتعرض له في طريقه عدو، أو يخشى عطلاً متوقعاً كأن تكون العلامات في سيارته تدل على احتمال وجود عطل يمنعه من السفر ونحو ذلك، فإذا حبسه حابس فإنه يتحلل ولا دم عليه.
وأما الذي لم يشترط وكذلك على الصحيح اشتراط غير الخائف، فهذا إذا أحصر فإنه يتحلل وعليه دم، والذي يترجح أنه لا يستحب الاشتراط لغير الخائف ولا يشرع له؛ لأن هذا لم يرد، والوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإهلال أن يقول: لبيك اللهم عمرة، أو يقول: لبيك اللهم حجاً، أو يقول: لبيك اللهم عمرة في حجة.
وأما التصريح بنيته فلم يرد، أي: أن يقول: اللهم إني أريد كذا أو أنوي كذا؛ فإن ذلك لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام.
ونقف عند هذا القدر، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.