[حرصه صلى الله عليه وسلم على أمته] :

وربما غلبه الشوق لحضور الجماعة ورؤية الأصحاب في أيامه الأخيرة فتحامل على جسمه المنهوك، وانسلّ إلى المسجد من حجرة عائشة، فصلّى بالناس وهو قاعد.

قال ابن عباس: لما مرض النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلّي بالناس، ثم وجد خفّة فخرج.

فلمّا أحسّ به أبو بكر أراد أن ينكص، فأومأ إليه الرسول صلى الله عليه وسلم فجلس إلى جنب أبي بكر عن يساره، واستفتح من الاية التي انتهى إليها أبو بكر، فكان أبو بكر يأتمّ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم والناس يأتمّون بأبي بكر (?) .

على أنّ أبا بكر ظلّ يصلي بالناس هذه الأوقات التي مرض فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صبيحة اليوم الذي قبض فيه، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم معلّق القلب بشؤون أمته.

وكأنّ الله أراد أن يطمئنه على كمال انقيادها وحسن اتباعها، فأشهده اخر وقت حضره وهو في الدنيا، إذ أقبل المؤمنون من بيوتهم إلى المسجد فجر الإثنين الذي قبض فيه، واصطفوا لصلاتهم خشّعا مخبتين وراء إمام رقيق التلاوة، فيّاض الإخلاص، ورفع النبيّ صلى الله عليه وسلم الستر المضروب على منزل عائشة، وفتح الباب وبرز للناس.

فكاد المسلمون يفتنون في صلاتهم ابتهاجا برؤيته، وتفرّجوا يفسحون له مكانا، فأشار بيده أن اثبتوا على صلاتكم، وتبسّم فرحا من هيئتهم في صلاتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015