ثم شاء الله أن يحمل نبيه بعد ذلك - فيما يحمل من أعباء الرسالة - مؤنة إزالة آثار نظام التبني فيتزوج من مطلقة متبناه زيد بن حارثة، ويواجه المجتمع بهذا العمل، الذي لا يستطيع أحد أن يواجه المجتمع به على الرغم من إبطال عادة التبني في ذاتها.
وألهم الله نبيه (ص) أن زيدا سيطلق زينب. وأنه هو سيتزوجها. للحكمة التي قضى الله بها. وكانت العلاقات بين زيد وزينب قد اضطربت، وعادت توحي بأن حياتهما لن تستقيم طويلا.
وجاء زيد مرة بعد مرة يشكو إلى رسول الله (ص) اضطراب حياته مع زينب، وعدم استطاعته المضي معها. والرسول (ص) على شجاعته في مواجهة قومه في أمر العقيدة دون لجلجة ولا خشية يحس ثقل التبعة فيما ألهمه الله من أمر زينب، ويتردد في مواجهة القوم بتحطيم ذلك التقليد العميق فيقول لزيد الذي أنعم الله عليه بالإسلام بالقرب من رسوله وبحب الرسول له. ذلك الحب الذي يتقدم به في قلبه على كل أحد بلا استثناء والذي أنعم الرسول عليه بالعتق والتربية والحب - يقول له: {أمسك عليك زوجك واتق الله}) ويؤخر بهذا مواجهة الأمر العظيم الذي يتردد بالخروج به على الناس كما قال تعالى: {وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} وهذا الذي أخفاه النبي - (ص) - في نفسه وهو يعلم أن الله مبديه، هو ما ألهمه الله أن سيفعله. ولم يكن أمرا صريحا من الله، وإلا ما تردد فيه ولا أخره ولا حاول تأجيله، ولجهر به في حينه مهما كانت العواقب التي يتوقعها من إعلانه. ولكنه (ص) كان أمام إلهام يجده في نفسه، ويتوجس في