ولا شك أن القائد الواثق بنفسه، الواثق بنصر الله له، الذي يتمالك ويتماسك أمام الهول، هو الذي يستحق القيادة بجدار أسوة برسول الله (ص)، وقد يغفر التزعزع والرعب للفرد العادي، أما القائد الفذ فهو الذي يستطيع أن يرفع معنويات جنوده من الحضيض، ويقارع بهم العدو، أما أن يكون الوهن والعجز لدى القائد، فعل جماعته العفاء.
6 - حيث أن المعركة معركة عقيدة، فلا بد من اللجوء إلى الله تعالى وحده أن يكشف الغم، ويزيل الكرب، واللجوء إلى الله تعالى والتذلل له، وطلب النصر منه وحده، هو أمر غير أمر الزلزلة أو التراجع. ولا بد أن يميز في حس المسلم بين هذين الجانبين.
فعن عبد الله بن أبي أوفى قال: دعا رسول الله (ص) يوم الأحزاب فقال: ((اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب .. اللهم اهزمهم وزلزلهم)) (?).
وحرص الرسول عليه الصلاة والسلام أن يؤكد لصحبه، ثم للمسلمين في الأرض، أن هذه الأحزاب التي تجاوزت عشرة آلاف مقاتل، لم تهزم بالقتال من المسلمين - رغم تضحياتهم - ولم تهزم بعبقرية المواجهة، إنما هزمت بالله وحده، بالمسلم الذي أسلم في قلب المعركة، واندفع يخذل العدو، وبالريح التي قلبت قدورهم واقتلعت