ومنعت النوح على قتلاها، ولعل هذه الحادثة تبرز الوضع النفسي المحطم الذي آلت إليه قريش.
قال ابن إسحاق (وكان الأسود بن عبد المطلب قد أصيب له ثلاثة من ولده زمعة بن الأسود، وعقيل بن الأسود والحارث بن زمعة، وكان يحب أن يبكي على بنيه، فبينما هو كذلك إذ سمع نائحة من الليل فقال لغلام له وقد ذهب بصره: انظر هل أحل النحيب، هل بكت قريشا على قتلاها لعلي أبكي على أبي حكيمة (يعني زمعة) فإن جوفي قد احترق، فلما رجع إليه الغلام قال: إنما هي امرأة تبكي على بعير لها قد أضلته. قال: فذاك حين يقول له الأسود:
أتبكي أن يضل لها بعير ... ويمنعها من النوم السهود
فلا تبكي على بكر ولكن ... على بدر تقاصرت الجدود
على بدر سراة بني هصيص ... ومخزوم ورهط أبي الوليد
وبكى إن بكيت على عقيل ... وبكى حارثا أسد الأسود
وبكيهم ولا تسمي جميعا ... وما لأبي حكيمة من نديد
ألا قد ساد بعدهم رجال ... ولولا يوم بدر لم يسودوا) (?)
(ج) أما موقف المسلمين في المدينة، فقد تعزز وأصبحوا سادة المنطقة كلها، ويكفي أن قيادات قريش التي كانت تود أن تئد الإسلام والمسلمين، كانت تفد إلى المدينة. وسيماء الذل على وجهها تريد أن تفدي أسراها