القرية (الظالم أهلها) التي يعدها الإسلام - في موضعها ذاك - دار حرب، يجب أن يقاتل المسلمون لاستنقاذ المسلمين المستضعفين منها، هي (مكة) وطن المهاجرين الذين يدعون هذه الدعوة الحارة إلى قتال المشركين فيها، ويدعو المسلمون المستضعفون هذه الدعوة الحادة للخروج منه.
إن كونها بلدهم لم يغير وضعها في نظام الإسلام - حين لم تقم فيها شريعة الله ومنهجه، وحين فتن فيها المؤمنون عن دينهم، وعذبوا في عقيدتهم، بل اعتبرب بالنسبة لهم هم أنفسهم (دار حرب)، هم لا يدافعون عنها، وليس هذا فحسب بل هم يحاربونها لإنقاذ إخوانهم المسلمين منها، إن راية المسلم التي يحامي عنها عقيدته، ووطنه الذي يجاهد من أجله هو البلد الذي تقام شريعة الله فيه، وأرضه التي يدفع عنها هي (دار الإسلام) التي تتخذ المنهج الإسلامي منهجا للحياة، لكل تصور آخر هو تصور غير إسلامي تنضح به الجاهليات، ولا يعرفه الإسلام) (?).
ويبقى الحديث عن آثار هذا الجهاد في الأرض، الجهاد المرتبط بالعقيدة وللعقيدة، التي يعرف من خلالها الفرق الواقعي بينه، وبين حروب الأرض، يقدمها سيد رحمه الله في كلمات قلائل تحمل أعمق الدلائل على هذا الجهاد.
يقول رحمه الله:
(... لقد كان التفوق الحقيقي للمجتمع المسلم على المجتمعات الجاهلية من حوله، بما فيها مجتمع اليهود القائم في قلب المدينة، هو تفوقه في البناء الروحي، والخلق الاجتماعي والتنظيمي، بفضل المنهج القرآني الرباني قبل أن يكون تفوقا عسكريا أو اقتصاديا أو ماديا على العموم!