لقد كانت الخطوة الأولى في المدينة، بعد وصول الرسول (ص) واستقراره، وفي اليوم الأول الذي نزل فيه هو بناء المسجد النبوي. وهو عنوان هذه الأمة، وهو الذي يمثل رمز انتصاراتها. لقد أمضى في مكة ثلاثة عشر عاما يعبدون الله على خوف ووجل. ويضطهدون إن أعلنوا شعائرهم، ويؤذون إن صلوا وجهروا بصلاتهم، وكان أول ركن تقوم دولة الإسلام عليه، ومن أجله هو الصلاة {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوههم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} (?).
{الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتاو الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} (?).
فكان قيام المسجد النبوي وإعلان التوحيد في المدينة، هو إعلان قيام دولة الإسلام، ورسول الله (ص) يعقد هذا الأمر في دور بني النجار، وبعيون الملأ منهم، وفي ظلال سيوفهم. فالدولة الآن دولة الإسلام وهم حماتها، واختيار رسول الله بني النجار، هو اختيار عميق، يحمل معنى عميقا كذلك، فبنو النجار أخوال رسول الله (ص)، وهو في جوارهم، والمسجد في أرضهم، ولن يروم حماهم أحد .. وحيث يمكن أن يقع صراع في أي قبيلة بين مؤيد ومعارض. ففي بني النجار، فلا .. لأنهم أهل رسول الله (ص)، وكما كان بنو هاشم وبنو المطلب في مكة، فبنو النجار في المدينة، ونقيبهم