كفيتم هذا الوجه، فلما ظهر أن رسول الله (ص) قد وصل إلى المدينة جعل سراقة يقص على الناس ما رأى وشاهد) (?).
وهكذا لم تكن الهجرة في الحس الإسلامي مجرد نجاة من عدو، أو هروب من محنة، لقد كانت الهجرة فاتحة تاريخ جديد، وكانت بالنسبة للمسلمين في الأرض، ابتداء وجودهم وتاريخهم، فصار التاريخ الهجري، المبتدىء في هجرة الرسول (ص) هو سمة هذه الأمة، على مدار القرون، وبه ومن خلاله تعرف.
يقول ابن كثير رحمه الله:
(اتفق الصحابة رضي الله عنهم في سنة ستة عشر - وقبل سبع عشرة، أو ثماني عشرة - في الدولة العمرية على جعل ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة، وذلك أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه رفع إليه صك - أي حجة - لرجل على آخر، وفيه أنه يحل عليه في شعبان، فقال عمر: أي شعبان؟ أشعبان هذه السنة التي نحن فيها، أو السنة الماضية، أو الآتية؟ ثم جمع الصحابة، فاستشارهم في وضع تاريخ يتعرفون به حلول الديون وغير ذلك.
فقال قائل: أرخوا كتاريخ الفرس، فكره ذلك، وكان الفرس يؤرخون بملوكهم واحدا بعد واحد.