على ذلك أربع ليال أو خمسا، ثم إنهم اجتمعوا في المسجد، وتشاوروا وتناصفوا. فزعم أهل الرواية أن أبا أمية بن المغيرة .. وكان عامئذ أسن قريش كلها قال:
يا معشر قريش، اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه، ففعلوا، فكان أول داخل عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما رأوه قالوا: هذا الأمين. رضينا، هذا محمد، فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((هلم إلي ثوبا)) فأتي به، فأخذ الركن فوضعه فيه بيده، ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوه جميعا، ففعلوا حتى إذا بلغوا موضعه، وضعه هو بيده، ثم بنى عليه) (?).
وقال الإمام أحمد: عن السائب بن عبد الله، أنه كان فيمن بنى الكعبة في الجاهلية قال: وكان لي حجر، أنا نحته أعبده من دون الله، كنت أجيىء باللبن الخاثر الذي آنفه على نفسي فأصبه عليه، فيجيىء الكلب فيلحسه، ثم يشغر فيبول عليه قال: فبنينا حتى بلغنا موضع الحجر ولا يرى الحجر أحد. فإذا هو وسط أحجارنا مثل رأس الرجل، يكاد يترايا منه وجه الرجل. فقال بطن من قريش نحن نصنعه. وقال آخرون نحن نصنعه. فقالوا: اجعلوا بينكم حكما. فقالوا: أول رجل يطلع من الفج. فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أتاكم الأمين. فقالوا له. فوضعه في ثوب، ثم دعا بطونهم فرفعوا نواحيه فوضعه هو - صلى الله عليه وسلم -) (?).