له ما يكرهه لنفسه، فإذا زال ذلك عنه فقد نقص إيمانه بذلك " (?).

أما الإِيثار فهو أعظم من ذلك في قوة حقيقة الإِيمان؛ لأن الإِيثار: هو تقديم الغير على النفس وحظوظها الدنيوية ورغبة في الحظوظ الدينية، وذلك ينشأ عن قوة اليقين، وتوكيد المحبة والصبر على المشقة، يقال: آثرته بكذا: أي خصصته به وفضلْته بالمال أو بالمنازل، أو بالنفس، لا عن غنىً بل مع الحاجة لذلك (?) وقد وصل أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - إلى الدرجات العلى من الإِيثار، فعن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «جاء رجل إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فقال: إني مجهود (?) فأرسل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - إلى بعض نسائهِ، فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا الماء، ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، فقال: " من يُضِيف هذا الليلة رحمه الله؟ " فقام رجل من الأنصار (?) فقال: أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى رَحْلِهِ (?) فقال لامرأته: هل عندك شيء؟ قالت: لا إلا قوت صبياني، قال: فَعَلِّليهم بشيءٍ فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل، فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيهِ، قال: فقعدوا وأكل الضيف، فلما أصبح غدا على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فقال: " قد عجب الله من صنيعِكما بضيفكما الليلة "، وفي رواية أن الصحابي قال لامرأته: نوِّمي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فهيأت طعامها. . . ونوَّمت صبيانها. . . فأنزل الله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]» (?) ومما يدل على الإِيثار قصة مؤاخاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - بين عبد الرحمن بن عوف رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وسعد بن الربيع رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015