ثانيا: من صفات الداعية: الشجاعة: ظهر في هذا الحديث شجاعة سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه، لقوله رضي الله عنه: «ثم اندفعت على وجهي حتى أدركتهم وقد أخذْوا يستقون الماء، فجعلت أرميهم بنبلي - وكنت راميا- وأقول: أنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع، وأرتجز حتى استنقذت اللقاح منهم، واستلبت منهم ثلاثين بردة» وهذا يدل على الشجاعة العظيمة؛ ولهذا ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله: أن سلمة - رضي الله عنه - كان مثل الأسد إذا حملت عليه الخيل فرَّ، ثم عارضهم فنضحها عنه بالنبل (?).
فينبغي للداعية أن يكون شجاعا: عقليا وقلبيّا، وهذا من أعظم الصفات الحميدة (?).
ثالثا: من موضوعات الدعوة: الحث على العفو والرفق وتسهيل الأمور: إن الرفق، والعفو، ومعاملة الناس بالأسهل والأحسن من الموضوعات التي ينبغي للدعاة حث الناس عليها وترغيبهم في التعامل بها مع الناس؛ ولهذا قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّْمُ - لسلمة في هذا الحديث: " ملكت فأسْجِحْ " أي قدرت فسهِّل الأمر، وأحسن العفو، وارفق ولا تأخذ بالشدة (?).
وهذا يؤكد الحض على تعليم الناس الأخذ بالتيسير وترك التعسير، والله المستعان (?).
رابعا: من أساليب الدعوة: تعريف الداعية بنفسه عند الحاجة: دل هذا الحديث على أن من أساليب الدعوة: تعريف الإِنسان بنفسه عند الحاجة لذلك مع القصد الحسن والنية الصالحة؛ ولهذا قال سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: " أنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع ". قال الإمام النووي - رحمه الله: " فيه جواز مثل هذا الكلام في القتال، وتعريف الإِنسان بنفسه إذا كان شجاعا، ليرعب خصمه " (?).