أ- إنهم كانوا في ابتداء الأمر قد نهوا عن الكتابة خشية أن يختلط بعض الأخبار بالقرآن الكريم. ب- سعة حفظهم وقوته؛ ولأن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة، ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار، وتبويب الأخبار لما انتشر العلماء في الأمصار، وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري الأقدار، وغيرهم، فألف عدد من علماء الإسلام مصنفات في أحاديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وكانت تشمل الأحاديث الصحيحة والحسنة، والضعيفة، فحرك ذلك همة البخاري لجمع الحديث الصحيح، وقوَّى عزيمته على ذلك ما سمعه من أستاذه ابن راهويه، قال الإمام البخاري: كنا عند إسحاق بن راهويه فقال: " لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال: فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع الجامع الصحيح (?).

4 - مكانة الصحيح: قال الإمام النووي رحمه الله: " اتفق العلماء- رحمهم الله تعالى- على أن أصحَّ الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان: البخاري ومسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول، وكتاب البخاري أصحهما، وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة، وقد صح أن مسلما كان ممن يستفيد من البخاري، ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث، وهذا الذي ذكرناه من ترجيح كتاب البخاري هو المذهب المختار الذي قاله الجمهور وأهل الإتقان والحذق والغوص على أسرار الحديث " (?). وكان يصلي ركعتي الاستخارة قبل أن يكتب كل حديث في الصحيح، كما كان يصليهما قبل أن يضع كل ترجمة. وقال: " صنعت الجامع من ستمائة ألف حديث في ست عشرة سنة، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله " (?) وقال: " لم أخرج في الكتاب إلا صحيحا وما تركت من الصحيح أكثر " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015