أقاربه عند الحاجة والمصلحة الراجحة، فكان إذا صعد المنبر فنهى الناس عن شيء جمع أهله، فقال: " إِنِّي نَهَيْتُ النَّاسَ عَنْ كَذَا وَكَذَا، وَإِنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ إِلَيْكُمْ نَظَرَ الطَّيْرِ إِلَى اللَّحْمِ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَا أَجِدُ أَحَدًا مِنْكُمْ فَعَلَهُ إِلَّا أَضْعَفْتُ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ " (?) وهذا يؤكد للداعية أهمية أسلوب القوة مع الأهل عند الحاجة لذلك وظهور المصلحة المحققة، والله ولي التوفيق.

خامسا: أهمية الوفاء ببيعة الإمام المسلم: إن الوفاء ببيعة الإمام المسلم من أولى الواجبات وأعظم الحسنات؛ ولهذا ثبت في هذا الحديث ما يؤكد ذلك؛ لأن ابن عمر رضي الله عنهما لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع حشمه وولده فقال: " إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني والله لا أعلم غدرا أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال، وإني لا أعلم أحدا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه "، وهذا يؤكد أهمية الوفاء ببيعة الإمام المسلم. قال الإمام ابن هبيرة رحمه الله: " وفي هذا الحديث ما يدل على أن ابن عمر لم يوافق على خلع يزيد " (?) وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وفي هذا الحديث وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة، والمنع من الخروج عليه ولو جار في حكمه، وأنه لا ينخلع بالفسق " (?) وإذا بايع المسلم الإمام المسلم لزمه طاعته في المعروف؛ لقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] (?) ولهذا قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015