من أصحاب علي ومعاوية إلى الصلح وعدم الاستمرار في الفتنة؛ ولهذا قال رضي الله عنه: فلو رأيتنا يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا " يريد رضي الله عنه اتهام الرأي وأن الصواب قد يكون بخلافه كما في صلح الحديبية؛ فإن الصواب كان مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر خلافا لرأي الصحابة رضي الله عنهم (?).

الخامس عشر: من معجزات الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تحقق ما أخبر به: إن ما حصل في صلح الحديبية من الشروط التي فيها غضاضة وهضم من حقوق المسلمين في الظاهر يدل دلالة واضحة على أن النبي محمدا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رسول الله حقا؛ لأنه قبل هذا الصلح لتوفيق الله له بالموافقة على ذلك؛ لما فيه من الفتح والنصر؛ ولهذا قال لعمر عند محاورته: «يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا»، فأنزل الله سورة الفتح بشارة بالنصر والفتح، فقرأها - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على عمر، فقال عمر رضي الله عنه يا رسول الله: أو فتح هو؟ قال: " نعم "، ثم حصل الفتح الأعظم فتح مكة فدخل الناس في دين الله أفواجا، وهذه معجزة عظمى لإخبار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالفتح قبل وقوعه، ثم تحقق (?).

السادس عشر: من صفات الداعية: الحرص على الإصلاح بين الناس: إن الإصلاح بين الناس والحرص عليه من أعظم القربات وأهم الصفات التي ينبغي لكل مسلم الحرص عليها، وقد ظهر في هذا الحديث؛ لقول سهل بن حنيف رضي الله عنه: «أيها الناس اتهموا أنفسكم فلقد رأيتني يوم أبي جندل لو أستطيع أن أرد على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمره لرددت، والله ورسوله أعلم». . . "، وهذا يؤكد حرص سهل رضي الله عنه على الإصلاح بين هاتين الفئتين العظيمتين؛ قال الإمام النووي رحمه الله على قول سهل رضي الله عنه: " أراد بهذا تبصير الناس على الصلح وإعلامهم بما يرجى بعده من الخير، فإنه يرجى مصيره إلى خير، وإن كان ظاهره في الابتلاء مما تكرهه النفوس، كما كان شأن صلح الحديبية، وإنما قال سهل رضي الله عنه هذا القول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015