والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: أهمية سؤال الداعية عما أشكل عليه: إن سؤال الداعية عما أشكل عليه من وسائل تحصيل العلم المهمة؛ ولهذا سأل سليمان الأعمش أبا وائل شقيق بن سلمة فقال له: شهدت صفين؟ فقال أبو وائل: نعم، فسمعت سهل بن حنيف يقول: "اتهموا رأيكم" (?) وهذا يدل على أهمية سؤال الداعية عما أشكل عليه؛ ليعلمه وينتفع به والله أعلم.
ثانيا: أهمية إجابة السائل بأكثر مما سأل عند الحاجة: إجابة السائل بأكثر مما سأل دليل على علم الداعي وفقهه، وقد ظهر ذلك في هذا الحديث؛ لأن سليمان الأعمش سأل أبا وائل فقال: هل شهدت صفين؟ فأجابه أبو وائل فقال: "نعم"، فسمعت سهل بن حنيف يقول: "اتهموا رأيكم. . . "، ثم ساق له الحديث، فزاده على ما سأل علما كثيرا وفوائد نافعة، وهذا من أهم أساليب الدعوة " ولهذا كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستخدم هذا الأسلوب في دعوته، فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: «لما جعل الله الإسلام في قلبي، أتيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال: فقبضت يدي. قال: "ما لك يا عمرو؟ " قال قلت: أريد أن أشترط، قال: "تشترط بماذا؟ " قلت: أن يغفر لي، قال: "أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله؟» (?) فأجاب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما يفيد عدم المؤاخذة عن كل من اعتنق الإسلام، وعن كل من هاجر، وعن كل من حج حجا مبرورا، وقد كان يكفيه في الجواب أن يقول: غفر لك، أو نحوها، ولكنه زاده علما كثيرا نافعا (?) وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمن سأله عن ماء البحر: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته» (?) فأجاب