الانحراف، وعاداتهم ولغتهم ولهجاتهم، والإحاطة بمشكلاتهم، ومستواهم الجدلي، ونزعاتهم الخلقية، والشبه التي تعلق بأذهانهم، ثم يُنزل الناس منازلهم ويدعوهم على قدر عقولهم وأفهامهم، ويعطي الدواء على حسب الداء.
3 - إن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو القدوة الحسنة للدعاة الحكماء، فقد كان يلازم الحكمة في جميع أموره، وخاصة في دعوته إلى الله وهذا من فضل الله عليه وعلى أتباعه، فقد أرسل الله عز وجل جبريل ففرج صدره ثم غسله بماء زمزم، ثم أفرغ في صدره طستاً من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً , وأقبل الناس، ودخلوا في دين الله أفواجاً بفضل الله ثم بحكمة هذا النبي الكريم، وما من خُلق كريم ولا سلوك حكيم إلا كان له منه أوفر الحظ والنصيب.
4 - إن أحسن الطرق في دعوة الناس ومخاطبتهم ومجادلتهم طريقة القرآن الكريم، وسوق النص القرآني والحديث النبوي, وطريقة النبي - صلى الله عليه وسلم - هي أعظم طريقة للدعوة.
5 - إن الحكمة تجعل الداعي إلى الله يُقدَر الأمور ويُعطيها ما تستحقه، فلا يزهد في الدنيا والناس في حاجة إلى النشاط والجد والعمل، ولا يدعو إلى الانقطاع والانعزال عن الناس، والمسلمون في حاجة إلى الدفاع عن عقيدتهم وبلادهم وأعراضهم، ولا يبدأ بتعليم الناس البيع والشراء وهم في مسيس الحاجة إلى تعلم الوضوء والصلاة، فالحكمة تجعل الداعية ينظر ببصيرة المؤمن، فيرى حاجة الناس فيُعالجها بحسب ما يقتضيه الحال، وبذلك ينفذ إلى قلوب الناس من أوسع الأبواب، وتنشرح له صدورهم، ويرون فيه المُنقذ الحريص على سعادتهم ورفاهيتهم وأمنهم.
6 - إن البصيرة في الدعوة إلى الله هي أعلى درجات الحكمة والعلم، وحقيقتها الدعوة إلى الله على علم ويقين وبرهان عقلي وشرعي، وترتكز البصيرة في الدعوة إلى الله على ثلاثة أمور:
الأول: أن يكون الداعية على بصيرة، وذلك بأن يكون عالماً بالحكم الشرعي فيما يدعو إليه.
الثاني: أن يكون على بصيرة في حال المدعو حتى يُقدَم له ما يُناسبه.
الثالث: أن يكون على بصيرة في كيفية الدعوة.