أولاً فإن ارتدع فبها وإلا فليهجر مُجالسته حال عصيانه أما هجر مصاحبة صاحب المنكر لمن ليس له حق عليك كالوالدين والأرحام فهو الأكمل إن استطعته دون قطع السلام عليه وأما هجر كلامه مطلقاً فإذا كان لك فيه مصلحة تؤدي الغرض فالهجر مشروع إذ هو علاج وإلا واصله مع دوام النصيحة له وأهل العلم يفرقون بين المنكر أي حال فعله وأثر المنكر ولإيضاح الصورة نضرب مثالاً فلو أن هناك أُناس جالسين وهم الآن يشربون خمراً ففي هذه الحالة تجب المفارقة بعد النصح والإنكار وعدم مجالستهم لكن قد يأتيك شخص مثلاً وهو يحلق لحيته وهو لم يحلقها أمامك لكن أثر المنكر واضح عليه هذا تُنكر عليه إذا رجوت النفع من وراء ذلك , لكن لا يعني هذا أنك تقوم من مجلسه لأنه الآن ليس على منكر, بل هو فيه أثر المنكر.
الشرع هو الأصل في تقرير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , فإن الميزان في كون الشيء معروفاً أو منكراً هو كتاب الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وسنة رسوله الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه السلف الصالح لهذه الأمة، وليس المراد ما يتعارف عليه الناس أو يصطلحون عليه مما يُخالف الشريعة الإسلامية فما جاء الأمر به في الكتاب والسنة، أو الندب إليه والحث عليه، أو الثناء على أهله، أو الإخبار بأنه مما يُحبه الله تعالى ويرضاه، ويُكرم أهله بالثواب العاجل والآجل، فهو من المعروف الذي يُؤمر به , وما ورد النهي عنه في الكتاب والسنة، والتحذير منه، وبيان عظيم ضرره، وكبير خطره في الدنيا والآخرة، أو جاء ذم أهله ووعيد فاعله بالسخط والعذاب والخزي والعار، ودخول النار ونحو ذلك فهو من المنكر الذي يُنهى عنه وأما التحسين والتقبيح العقليين لا يستقلاَن في تحديد المعروف والمنكر.