إن الحمد لله, نحمده, ونستعينه، ونستغفره, ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا, مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادى له، وأَشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ إن مُحمدًا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إن اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71].
وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي، هدى محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ مُحدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة.
أما بعد: يا ربِّ لك الحمدُ كما ينبغى لجلال وجهك, وعظيم سلطانك, لك الحمد حتى ترضى, ولك الحمدُ إذا رضيت.
هذا الكتاب الرابع (صفحات من التَّارِيخ الإسلامى فى الشَّمَال الإفريقي) يتحدث عن دولة المرابطين السُّنيَّة منذ نشأتها وحتى سقوطها، ويتعرَّضُ لسنن الله فى بناء الدوَل وإحياءِ الشعوب، فيُعطِى نبذة تاريخيّة عن أصول القبائل التى قامت عليها دولة المرابطين، فيتكلم عن مواطنها, ومواقعها, وحياتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية قبل دخول الإمام عبد الله بن ياسين فى قلب الصحراء الكبرى لدعوة قبائل صنهاجة إلى الإسلام, وكيف تعامل ذلك الإمام مع تلك القبائل، وجعل منها أمَّةً تحمل الإسلام عقيدةً ودعوةً ومنهجًا، كما يسلط هذا الكتاب الأضواء على زعماء دولة المرابطين مِن أمثال الأمير يحيى بن إبراهيم، والأمير أبى بكر ابن عمر، ويوسف بن تاشفين, ويتكلم عن خط سَيْر المرابطين فى توحيد المغرب الأقصى، وتوغُّلِهم الدَّعَوِى فى جنوب المغرب نحو غانا ومالى وغيرها من دِوَل إفريقيا, ويتحدث عن دفاع المرابطين عن مسلمى الأَنْدَلُس, وأسباب ضعف المُسْلِمين هناك، وعن أثر تحكيم شرعِ الله فى مُجْتَمَع المرابطين، وعن سياستهم الدَّاخليَّة والخارِجيَّة, وكيف أعطوا حقوق الرعية من خلال دستور دولتهم السُّنيَّة، وما موقف الرعية من دولة المرابطين؟