أ- ومِن أهم الصِّفَات الفطرية التى ظهرت لى من سيرته:
1 - الذكاء: فكان -رحمه الله- عميقَ الفهم, صاحب حجة، يُقيم الدليل على خصومه من الفقهاء، والمحليين الذين تحالفوا مع الأمراء والأعيان للقضاء عليه أو طرده.
واختياره لمكان أنسب لتربية أتباعه وتعليمهم يدل على ذكائه وبعد نظره, ويظهر ذلك فى حروبه التى خاضها لتوحيد القبائل الصنهاجية، ثم انتقاله للقضاء على المخالفين له فى المنهج والمعتقد والتصوُّر.
2 - الشجاعة: حيث إنه دخل الصحراء داعيًا إلى الله تعالى مع إن غيره مِن تلاميذ أبى عمران الفاسى اعتذروا وكذلك من تلاميذ وجاج بن زلوا.
وامتازَ بشجاعة وصلابة عظيمة فى دعوته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وفى جهاده حتى إنه استشهد فى إحدى معاركه ضد أعدائه.
فكان شُجاعًا عظيم الاحتمال، ومارس أفضلَ الشَّجَاعَة، ألا وهى الصَّراحة فى الحقِّ، وكتمان السرِّ إذ إنه كان قد خطط مع يحيى بن إبراهيم المراحل العِلمِيَّة ولم يتسرَّب منها شيء لأعدائه حتى أخذت حيز التنفيذ.
والشَّجَاعَة فى الحق وفى ميادين القتال بالنسبة للمُسْلِم تدلُّ على قُوَّة عقيدته وسلامتها من غَبش التصوُّر وانحراف المنهج، ومن المعلوم أن صفاء العقيدة يرفع الهمة وينمى الشَّجَاعَة، ويلهب المشاعر، ويذكى الروح, ويربط الفؤاد وينور العقل، ويوسِّعُ المدارك، والعاملون فى الدعوة إلى الله ينبغى عليهم أن يكونوا شجعانًا فهى منه وإليه.
قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ - فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 173 - 174].
وحامل دين الله ينبغى ألا يستكين، ولا يجبن، ولا يخور عزمه؛ لأنه صاحب رسالة مُقدَّسةٍ مِن عند العليم الحكيم، سار على نهجها رسل الله مِن قبل، فنصرهم الله, وانتقم مِن عدوهم.
قال الشاعر:
إن نفسًا ترتضى الإسلام دينًا ... ثم ترضى بعده أن تستكينا