إلى منصب الأمير على ونازعوه فى سلطانه مما سبب تمزقًا داخليًا، ففقدت الدولة المرابطية وحدتها الأولى، وكثرت الجيوب الداخلية فى كيان الدولة، وتفجرت ثورات عنيفة فى قرطبة، وفى فاس وغيرهما ساهمت فى إضعاف الوحدة السياسية وإسقاط هيبة الدولة المرابطية.
4 - الضيق الفكرى الذى أصاب فقهاء المرابطين وحجرهم على أفكار النَّاس, ومحاولة إلزامهم بفروع مذهب الإمام مالك وحده، وعملوا على منع بقية المذاهب السنية تعصبًا لمذهبهم، وكان لفقهاء المالكية نفوذ كبير مما جعلهم يوسعون تعصبهم وتحجرهم الفكري.
ويرى بعض المؤرخين أن التعصب الأعمى عند فقهاء المرابطين فى زمن الأمير على ابن يوسف كان السبب الأول فى سقوط دولة المرابطين (?)، لقد أسهم فقهاء المالكية فى دولة المرابطين بقسط وافر فى تذمر الرعايا، وإضعاف شأن الإمارة، لقد استغل بعض الفقهاء نفوذهم من أجل جمع المال وبناء الدور، وامتلاك الأرض، وعاشوا حياة البذخ والرفاهية المفرطة، وكان ذلك سببًا فى إيجاد ردة فعل عنيفة عند أفراد المجتمع المرابطي، وانبرى الشعراء فى تصوير حال الفقهاء فى تلك الفترة، فقال أبو جعفر أحمد بن مُحَمَّد المعروف بابن البني:
أهل الرياء لبستم ناموسكم ... كالذئب أدلج فى الظلام العاتم
فملكتم الدنيا بمذهب مالك ... وقسمتم الأموال بابن القاسم
وركبتم شهب الدواب بأشهب ... وبأصبغ صبغت لكم فى العالم (?)
5 - ومن أهم العوامل التى أسقطت دولة المرابطين: فقدها لكثير من قياداتها وعلمائها العظام أمثال سير بن أبى بكر، ومُحَمَّد بن مزدلي، ومُحَمَّد ابن فاطمة، ومُحَمَّد بن الحاج، وأبى إسحاق بن دانية، وأبى بكر بن واسينو .. فمن لم يستشهد من كبار رجال الدولة أدركه الموت الطبيعي، ولم يستطع ذلك الجيل أن يغرس المبادئ والقيم التى حملها فى الجيل الذى بعده، فاختلفت قدرات