المبحث السابع
أسباب سقوط دولة المرابطين
1 - ظهور روح الدعة والانغماس فى الملذَّات والشهوات عند حُكَّام المرابطين وأمرائهم فى أواخر عصر على بن يوسف، وكان للمجتمع الأَنْدَلُسى تأثير لا ينكر فى قادة وأمراء وحكام دولة المرابطين الذين استجابوا لنزوات شهواتهم وانغمسوا فى الحياة الدنيا، فتحقَّق قول الله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء:16] (?).
يقول سيِّد قطب رحمه الله: «والمترفون فى كلِّ أمَّة هم طبقة الكبراء الناعمين الذين يجدون المال، ويجدون الخدم، ويجدون الراحة، فينعمون بالدعة والراحة، وبالسيادة حتى تترهل نفوسهم وتأسن، وترتع فى الفسق والمجانة وتستهتر بالقيم والمقدسات والكرامات، وتلغ فى الأرض والحرمات، وهم إذا لم يجدوا مَنْ يَضْرِبُ على أيديهم عاثوا فى الأرض فسادًا، ونشروا الفاحشة فى الأمة وأشاعوها، وأرخصوا القيم العليا التى لا تعيش الشعوب إلا بها ولها، ومن ثَمَّ تتحلل الأمة وتسترخي، وتفقد حيويتها وعناصر قوتها وأسباب بقائها فتهلك وتطوى صفحتها .. ».
والآية تقرر سنة الله هذه فى إهلاك مَن انغمس فى الشهوات، وأسرف فى الملذات، وتحلل مِن القيم والأخلاق ولازم الفسق والانحلال والفساد.
2 - ظهور السفور والاختلاط بين النساء والرجال، وبدأت دولة المرابطين فى آخر عهد الأمير على بن يوسف تفقد طُهرَها وصفاءَها الذى اتصف به جيلهم الأول، مما جعل الرعية المسلمة تتذمر من هذا الانحراف والفساد، وتستجيب لدعوة مُحَمَّد بن تومرت الذى أظهر نفسه للناس بالزاهد والنَّاسك والآمر بالمعروف والناهى عن المنكر.
3 - انحراف نظام الحكم عن نظام الشورى إلى الوراثى الذى سبب نزاعًا عنيفًا على منصب ولاية العهد بين أولاد على بن يوسف، كما تطلع مجموعة مِن الأمراء