المسجد، وفى داره أيضًا، وسرعان ما عُرف قدره، واشتهرت إمامته، وطار ذكره فى الآفاق، وقد خلف الإمام القابسى المتوفى سنة 403هـ، فى نشر علوم السنة فى إفريقية ورئاسة العلم بها, ورحل إليه النَّاس من الأقطار لسماع مروياته واستجازه من لم يستطع الاجتماع به (?).

وكان يجلس فى حلقته العِلمِيَّة من بعد صلاة الصبح إلى صلاة الظهر، يحدثهم ويملى عليهم، ويقرأ لهم، «فلا يتكلم بشيء إلا كُتب عنه إلى أن مات».

وكان يحدثُ بصحيح البُخارى و «التَّارِيخ الكبير» له أيضًا، و «تصحيف المُحَدِّثِين» للدارقطني، وكان يحدّث كذلك بمصنفاته فى الحديث والرجال والفقه، وقد انتشرت روايتها فى الأَنْدَلُس أيضًا عن طريق تلاميذه من أهلها (?).

وكان متضلعًا فى كلام الرواة جرحًا وتعديلاً، ومعرفة سيرهم ووفياتهم وغير ذلك.

وكان العامة من أهل القيروان خصوصًا يرجعون إليه فيما يلم بهم ويستفتونه.

كما كان الموفدون فى مهمات سياسية إلى القيروان يسألونه ويستفتونه ويستفيدون من علمه.

وكان له اهتمام بالبلاد البعيدة ويرسل إليها من يقَوم بنشر العلم كما حدث فى اهتمامه بصحراء المغرب، وما نتج عن ذلك الاهتمام من قيام دولة المرابطين فى تلك المناطق النائية (?).

وقد تتلمذ عليه عدد كبير من النَّاس من أهل إفريقية والمغرب، والأَنْدَلُس، وصقلية، قال الذهبي: «تخرَّج بهذا الإمام خلق من الفقهاء والعلماء» (?).

3 - ثناء العلماء عليه:

قال تلميذه الحافظ حاتم الطرابلسي: «لقيتُه بالقيروان فى رحلتى سنة 402هـ،

وكان مِن أحفظ النَّاس, وأعلمهم وكان جمع حفظ المذهب المالكي، وحفظ حديث

النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , والمعرفة بمعانيه، وكان يُقرئ بالسبعة، ويُجودها مع المعرفة بالرجال،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015