تركوا مبشر بن سليمان صاحب البليار حرًا تقديرًا لجهوده التى بذلها لصدِّ النصارى، وما اشتهر به من غيرة على مصالح المسلمين، وقدرته الفذة فى حماية ملكه من غارات النصارى المتتابعة فضلاً عن كونه أقرَّ العدل, وأرضى الرعية، وهكذا أصبح مبشر يحكم الجزائر الشرقية فى عهد يوسف بن تاشفين، وفى السنوات الأولى من حكم على بن يوسف إلى عام 508هـ.
وعندما تحالف النصارى من أمراء فرنسا والبرتغال وإسبانيا وقرروا القضاء على جزر مبشر بن سليمان خرجوا له فى خمسمائة سفينة, وضربوا على جزيرة ميورقة حصارًا عنيفًا, وراسل مبشر أمير المسلمين على بن يوسف لنجدته ونصرة المسلمين، وتُوفى مبشر بن سليمان أثناء الحصار وقام بعده قريبه الربيع بن سليمان بن ليون, وسقطتْ ميورقة عام 508هـ, وقتل النصارى مِن المسلمين, وسبوا نساء المسلمين, وعاثوا فى الأرض فسادًا ونهبًا وتخريبًا.
وعندما اقترب أسطول المرابطين بقيادة القائد البحرى ابن «تافرطاست» وجد النصارى قد رحلوا وتركوها كأن لم تكن بالأمس, وفى الحال شرع ابن «تافرطاست» فى تعمير الجزيرة, وأعاد إليها الفارين من سكانها، وكان قد لجأ منهم إلى الجبال جموع غفيرة, وبذلك أصبحت تلك الجزر تابعة لدولة المرابطين الفتية.
وكان لأسطول المرابطين الفضل بعد الله فى التصدِّى لأطماع النورمنديين فى مدن الشمال الإفريقي، وكان لأسطول المرابطين جهاد مشكور فى سواحل أوروبا الجنوبية؛ مما عزَّز من هيبة المسلمين فى نفوس النصارى الحاقدين, فأغار على سواحل جليقية وقطلونية وإيطاليا والإمبراطورية البيزنطية (?).
ومن أشهر قادة الأسطول المرابطى أبو عبد الله بن ميمون, وتوارث أبناؤه من بعده قيادة أساطيل المرابطين, ولعبت أسرة بنى ميمون دورًا رياديًا فى حماية ثغور المسلمين, والذَّود عن حوزتهم وأعراضهم وأموالهم وعقيدتهم.
ح - موانئ أسطول المرابطين:
كان المرية من أكبر موانئ الأسطول المرابطى فى الأَنْدَلُس، وكان بها قسم كبير