المبحث الرابع علاقة الأمير يوسف مع بنى حماد

المبحث الرابع

علاقة الأمير يوسف مع بنى حماد

حرص الأمير يوسف على علاقة حسن الجوار مع دولة بنى حَمَّاد الصنهاجية التى تقع فى شرق دولة المرابطين، وكان الحَمَّاديون يتحينون الفرصة لضم أطراف من مملكة المرابطين، وتمَّ لهم ذلك عندما عبر الأمير يوسف الأَنْدَلُس عام 479هـ، فتحالفوا مع عرب بنى هلال؛ وغزوا المغرب الأوسط؛ وعادوا إلى بلادهم محملين بالغنائم، وسكت يوسف عن الانتقام منهم, وصالحهم، ولم يرغب فى الدخول فى حرب معهم مع وجود أسبابها حقنًا لدماء المُسْلِمِين وحفظًا لشوكتهم وقوتهم.

وعندما تُوفى الناصر بن علناس الحَمَّادى فى عام 481هـ, بعث الأمير يوسف بكتاب تعزية إلى ولده وخليفته المنصور، مما يدل على نيَّات يوسف السلمية تجاه بنى حَمَّاد، واستمرَّت حالة السلم بين الفريقين أكثر من عشر سنوات, ثم نشب خلاف بين والى تلمسان المرابطى تاشفين بن تنغمير وحُكَّام بنى حَمَّاد, فهاجم الأمير تاشفين بدون إذن من الأمير يوسف، واشتدَّ الصِّراع بين الطرفين, وتدخل الأمير يوسف واستطاع بحكمته وسياسته أن يحقن دماء المُسْلِمِين، وعزل حاكم تلمسان تاشفين وعيَّن مكانه الأمير مزدلي، وبعد أن ضم الأمير يوسف الأَنْدَلُس أضحت مملكة بجاية ملاذًا للفارِّين من الأَنْدَلُس، ومع ذلك لم يحرك الأمير يوسف ساكنًا تجاه عمل بنى حَمَّاد, وبقى الأمر كذلك حتى وفاته (?).

لقد كان للتوجه السنى فى دولة الحَمَّاديين أثر فى تخفيف الصراع مع المرابطين، كما إن لصلة القرابة الصنهاجية سببًا آخر، وإلا ما كانت تستطيع دولة الحَمَّاديين أن تقاوم جيوش المرابطين الفتية، وفى نظرى إن بقاء دولة الحَمَّاديين كانت من الأسباب التى أضعفت الدولة الزيرية والصنهاجية، وسببت توترًا وارتباكًا لدولة المرابطين، ولو ضمت لدولة المرابطين لكان أفيد للإسلام والمُسْلِمِين وللمغرب الأوسط والأقصى.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015