كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} ونحو هذا فى القرآن أمر الله- جل ثناؤه -المؤمنين بالجماعة، فنهاهم عن الاختلاف والفُرقة، وأخبرهم إنَّما هلك مَن كان قبلهم بالمراء, والخصومات فى دين الله» (?).
والأحاديث فى هذا الشأن كثيرة: فعن ابن عبَّاس - رضى الله عنهما - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَن فارق الجماعة شبرًا فكأنَّما خلع ربقة الإسلام من عنقه» (?).
وعن ابن عمر -رضى الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَن فارق الجماعة، فإنه يموت مِيتة جاهليَّة» (?).
والمراد بميتة الجاهلية -وهى بكسر الميم- حالة الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال، وليس له إمام مطاع، لأنَّهم كانوا لا يعرفون ذلك، وليس المراد أنه يموت كافرًا، بل يموت عاصيًا، لقد ذهب علماء المرابطين إلى أن الجماعة المقصودة فى الحديث جماعة المُسْلِمِين إذا اجتمعوا على أمير، موافق للكتاب والسنة (?).
هذا فى نظرى سبب دخول المرابطين تحت الخلافة العباسية، وأما ما ذكره المؤرخون أن من أسباب ذلك بعدهم عن العبَّاسيين، ولذلك كانوا لا يخشونهم خاصَّة بعد أن تطرَّق إليهم الفساد، ودبَّ الضعف فيهم، وهى لا تشكل أى خطر عليهم، فإنِّى استبعد ذلك حيث إن سياسة قادة المرابطين تقاد بالشرع، وليس العكس، فهم إسلاميون سياسيون، وليسوا سياسيين إسلاميين فى علاقاتهم الخارجيَّة وشئون دولتهم الدَّاخلِيَّة وارتباطاتهم الدولية.
أولاً: الخطاب الذى رفعه الفقيه ابن العربى إلى الخليفة المستظهر بالله 487 - 512هـ:
يلتمس فيه تقليدًا يخوِّل يوسف بن تاشفين حكم بلاد المغرب والأَنْدَلُس: بسم الله الرحمن الرحيم عليه توكلي:
أسعد الله الدنيا وأهلها بدوام أنوار المواقف المقدسة النبوية الإمامية المستظهرية، وضاعف مددها، ولا أرى المُسْلِمِين أمدها بغرائب مجد تبدعها، وفرائض تشرعها الخلافة،