المبحث الثاني
موقف الرعية فى دولة المرابطين
لقد استوفتْ الرعية فى دولة المرابطين حقوقها الشرعية، فكان طبيعيًّا جدًّا أن تؤديَ واجباتها إلى حُكَّامها وولاتها, وأهم هذه الواجبات التى أدتها:
أولاً: الطاعة:
كان مسلمو المغرب فى زمن دولة المرابطين يتقربون إلى الله تعالى بطاعة أميرهم والانقياد له فى كل معروف، ويرون هذه الطاعة حقًا ثابتًا لحُكَّامهم بنص القرآن وصريح السنة وصحيحها. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأمْرِ
مِنْكُمْ} [النساء:59].
وفى مجتمع المرابطين كانت الشريعة فوق الجميع يخضع لها الحاكم والمحكوم، ولهذا فإن طاعة الحُكَّام كانت عندهم مقيدة دائمًا بطاعة الله ورسوله.
قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا طاعة فى المعصية، إنما الطاعة فى المعروف» (?).
ثانيًا: النصرة:
كان المُسْلِمُون تحت قيادة أمراء المرابطين يعاضدون وينصرون أمراءهم فى أمور دينهم وجهادهم لعدوهم عاملين بقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:2].
وكانوا يكرمون من يقيم شرع الله من حُكَّامهم، ويدافعون وينافحون عنه ويكرمونه ويجلونه لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن من إجلال الله تعالى: إكرام ذى الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالى فيه والجافى عنه, وإكرام ذى السلطان المقسط» (?).
ثالثًا: النصح:
قامت هذه الدولة الميمونة المباركة على النصح المتبادل بين الحاكم والمحكومين، ونجد إن أحد الوزراء يطلب من الأمير يوسف عدم جواز البحر فى جهاده ضد النصارى حتى