الفصل الثالث
السياسة الداخلية والخارجية فى دولة المرابطين
المبحث الأول
حقوق الرعية فى دولة المرابطين
إن الله تعالى جعل بين الحاكم والمحكوم حقوقًا وواجبات متبادلة، وبينت الشريعة الغرَّاء هذه الحقوق المتبادلة؛ فمن أهم حقوق الرعية على الرَّاعِي:
أولاً: العمل على الإبقاء على عقيدة الأمة صافية نقية:
وذلك عن طريق حفظ الدِّين على أصوله المستقرَّة، وما أجمع عليه سلف الأمة، فهذا هو أهم الأمور التى تلزم ولاة الأمر تجاه الرعية (?)، وأهم هذه الأصول: التمسك بالكتاب والسنة وإجماع القرون المفضلة الأولى، وفى دراستى التَّارِيخية لدولة المرابطين وجدت أن حُكَّامها ساروا على هذا المنهج الذى رسمه شيوخهم الذين سبقوهم، ولذلك توحدت دولة المرابطين، وكان لذلك المسلك سبب فى حماية الأمة من التَّفرُّق فى الدِّين إلى دروب الأهواء والضلالات، وكان حماية ووقاية للحاكم والمحكوم فى دولة المرابطين على السواء من الزيع عن السبيل، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103] أي: تمسَّكوا بدين الله الذى أمركم به، وعهده الذى عهده إليكم، فى كتابه إليكم من الألفة والاجتماع على كلمة الحق والتسليم لأمر الله» (?) , لقد كان يوسف بن تاشفين ومن سبقه من حُكَّام دولة المرابطين على منهج الفرقة الناجية وسبيل أهل السنة والجَماعَة، لا سُبُل أهل الزيغ والتفريق التى نهى الله عنها فى قوله: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ - يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران:105،106].
قال ابن عبَّاس -رضى الله عنهما-: «يعنى تبيض وجوه أهل السنة والجَماعَة وتسوَّد