7 - إن من سنن الله تعالى المستخرَجة من حقائق الدِّين والتَّارِيخ أنه إذا عُصى الله تعالى مِمَن يعرفونه سَلَّط عليهم مَن لا يعرفونه، ولذلك سلَّط الله النصارى على المُسْلِمِين فى الأَنْدَلُس، وعندما تحرك الفقهاء والعلماء وبعض الملوك واستنصروا إخوانهم فى الدِّين، والتفوا حول دولة الشريعة نصرهم الله على أعدائهم، ثم خلَّص الله أهل الأَنْدَلُس من ملوك الطوائف الظالمين وأبدلهم بأمراء عادلين، منقادين لشريعة رب العالمين.
8 - إن الذنوب التى يهلك الله بها القرون ويعذب بها الأمم قسمان:
أولهما: معاندة الرسل والكفر بما جاءوا به.
وثانيهما: كفر النعم بالبطر والأشر، وغمط الحق واحتقار الناس وظلم الضعفاء ومحاباة الأقوياء، والإسراف فى الفسق والفجور، والغرور بالغنى والثروة، فهذا كلُّه من الكفر بنعمة الله، واستعمالها فى غير ما يرضيه من نفع النَّاس والعدلِ العام، والنَّوع الثَّانى من الذنوب هو الذى مارسه ملوك الأَنْدَلُس وأمراؤهم وأتقنوه إتقانًا عجيبًا.
* * *