المبحث الثامن الجواز الرابع للأمير يوسف فى الأندلس

المبحث الثامن

الجواز الرابع للأمير يوسف فى الأندلس

لما أصبحت إسبانيا المسلمة تحت حكم المرابطين بما فى ذلك سَرْقُسْطَة التى حكمها بنو هود، عبر أبو يعقوب يوسف بن تاشفين العبور الرابع سنة 496هـ/ 1103م بعد استرداد بلنسية بعام واحد، يبتغى تنظيم شئونها، وليطلع على حسن سير الإدارة، ودعا القادة والولاة وزعماء الأَنْدَلُس، وشيوخ القبائل المغربية التى تدين بالطاعة له إلى الاجتماع فى قرطبة، وعيَّن ولده الأصغر عليًًّا «أبا الحسن» وليًّا للعهد؛ فقد ظهرت مواهبه ونجابته ورجاحة عقله ولمس والده فيه الخصال اللازمة لحكم شعوب وأمم كثيرة (?).

أولاً: نص ولاية العهد للأمير على بن يوسف:

عهد الأمير يوسف إلى كاتبه الفقيه أبى مُحَمَّد بن عبد الغفور أن يكتب نص ولاية العهد وكان مشهورًا ببلاغته، وهذا هو النص: «الحمد لله الذى رحم عباده بالاستخلاف، وجعل الإمامة سبب الائتلاف، وصلى الله على سيدنا مُحَمَّد نبيه الكريم الذى ألف القلوب المتنافرة، وأذل لتواضعه عزة الملوك الجبابرة.

أما بعد: فإن أمير المُسْلِمِين وناصر الدِّين أبا يعقوب بن تاشفين لما استرعاه على كثير من عباده المؤمنين، خاف أن يسأله الله غدًا عما استرعاه كيف تركه هملاً لم يستنب فيه سواه، وقد أمر الله بالوصية فيما دون هذه العظمة، وجعلها من آكد الأشياء الكريمة، كيف فى هذه الأمور العائدة فى المصلحة الخاصة والجمهور، وإن أمير المُسْلِمِين بما لزمه من هذه الوظيفة وحضه الله بها من النظر فى الأمور الدِّينية الشريفة، قد أعزّ الله رماحه وأحد سلاحه، فوجد ابنه الأمير الأجل أبا الحسن أكثرها ارتياحًا إلى المعالى واهتزازًا، وأكرمها سجية وأنفسها اعتزازًا، فاستنابه فيما استرعي، ودعاه لما كان إليه ودعا، بعد استشارة أهل الرأى على القرب والنأي، فرضوه لما رضيه، واصطفوه لما اصطفاه، ورأوه أهلاً أن يسترعى فيما استرعاه، فأحضره مشترطًا عليه الشروط الجامعة بينهما وبين المشروط قبل، وأجاب حين دُعي، بعد استخارة الله الذى بيده الخيرة والاستعانة بحول الله الذى من آمن به شكره، وبعد ذلك مواعظ ووصية بلغت النصيحة مرامى قصية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015