المبحث السادس فتوى فى جواز ضم الأندلس بالقوة والقضاء على ملوك الطوائف

المبحث السادس

فتوى فى جواز ضم الأندلس بالقوة والقضاء على ملوك الطوائف

أرسل الإمام أبو بكر بن العربى المالكى إلى الإمام الغزالى كتابًا يشرح فيه موقف ملوك الطوائف بالأَنْدَلُس من حركة يوسف بن تاشفين الجهادية، ويطلب منه فتيا فى ذلك، قال الإمام أبو بكر بن العربي: «وكان أشهر من لقينا من العلماء فى الآفاق، ومن سارت بذكره الرفاق، ولطول باعه فى العلم ورحب ذراعه، الإمام أبو حامد بن مُحَمَّد الطوسى الغزالي، فاستدعينا منه فتيا وكتابًا، واختصرت لفظ الفتيا لوقت ضاق عن تقييدها لكن أنبه على معناها وهو: فى علم الإمام ما ذكر فى وصف خلال أمير المُسْلِمِين وناصر الدِّين أبى يعقوب يوسف بن تاشفين أمير المغربين الأَنْدَلُس والعدوة، وما أوضحت لديه من إعزاز الدِّين، والذب عن المُسْلِمِين، وهو حميرى النسب ومعه المرابطون، وقد وقفوا أنفسهم على الجهاد، وقد كانت جزيرة الأَنْدَلُس قد تملَّكها من تاريخ ابتداء الفتنة سنة أربعمائة, عدة ثوار تسوروا على البلاد، فضعف أهلها عن مدافعتهم، وتلقَّبُوا بألقاب الخلفاء وخطبُوا لأنفسهم، وضربوا النقود بأسمائهم، وأثاروا الفتنة بينهم لرغبة كلِّ واحد منهم فى الاستيلاء على صاحبه، واستبانوا الفُسَّاق فى الأرقاء والصنائع الطلقاء فى محاربة بعضهم بعضًا، واستنجدوا بالنصارى عندما اعتقد كل واحد منهم أنه أحق من صاحبه، وعند ذهاب شوكة المُسْلِمِين، وحينما انكشف للنصارى ضعف المُسْلِمِين، وعلموا المداخل والمخارج إلى بلاد المُسْلِمِين، طلبوا المعاقل وأخذوا بالحرب كثيرًا منها من غير مؤونة ولا مشقَّة، ثم لجأ الباقى من المُسْلِمِين إلى المرابطين واستصرخوهم فلباهم أمير المُسلِمين ووصل إلى البحر، فاستاء بعض الرؤساء وفاءً للمشركين، وحقدًا على المُسْلِمِين فى استدعائهم له، ووصل الأمير إلى غرب الأَنْدَلُس فمنحه الله نصرًا، وألجم الكفار السيف، ثم عاود الجواز فى العام الثالث من هذا الفتح فتهيبه العدو،

وتحصَّن منه، ولم يخرج للقائه مع تثاقل الرؤساء عنه، وعثر لأحدهم على خطاب يشجع العدو على اللقاء، واستولى على من قدر عليه من الرؤساء من البلاد والمعاقل، وبقيت طائفة من رؤساء الثغر الشرقى من جزيرة الأَنْدَلُس، حالفوا النصارى أو صاروا معه إلبًا، ودعاهم أمير المُسْلِمِين إلى الجهاد، والدخول فى بيعة الجمهور، فقالوا: لا جهاد إلا مع إمام من قريش، ولست به، أو مع نائب عن الإمام، وما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015