وكان الأغرب في هذه القضية تحول بعض المنظِّرين لمشروعية العمل الجماعي إلى العمل الفردي؛ إما بلسان الحال والمقال، أو بلسان الحال مع الكَفِّ عن الخوض النظري في هذه القضية.
وفي المقابل؛ فإن الأغرب -مطلقًا- تحوُّلُ مسألةِ التنظيم في العمل الجماعي في حِسِّ البعض إلى اعتبارها غايةً، وليست وسيلة، وأن وجودَ التنظيم واجبٌ شرعي لا محيصَ عنه، وأن الغرض الأساسي من هذا التنظيم هو مجرَّدُ النكاية في نظام حكم قائم، أو إثبات الوجود، وتبادل الاستفزازات، مهما كانت تكلفة ذلك باهظةً، إلا أنه كان يُشْعِرُ البعضَ بالرضى والقدرةِ على التحدي، والارتواءِ النفسي، بعيدًا عن المصالح العليا للأمة والدعوة، فصارت هموم المجموعة أهمَّ من هموم الدعوة، والعمل للإسلام!!
وذلك من أخطر الإصابات التي لحقت العمل الإِسلامي في العقود الثلاثة الماضية، فبدلًا من أن يُشَكِّلَ التنظيم وسيلةً فعالةً في تحقيق أكبر كسب للقضية الإِسلامية، ويقدِّم دليلًا عمليًّا على صحة التجربة الإِسلامية؛ ليثير الاقتداء، ويدعو إلى الائتساء، وليكون ميدانًا عمليًّا للتدريب على المعاني الإسلامية المفقودة في الأمة اليوم، من مثل: الشورى، والعدل، والتجرد، بدلًا من ذلك