المرحلية والتدرج سنة كونية اجتماعية في الخلق والأمر والتغيير سواء بسواء، ولا شك أن بالساحة الدعوية ضروراتٍ تُلْجِئُ إلى مرحلية، وبالتشريع سوابق وشواهد تنبِّه إلى أهمية التدرج، وبالمجتمعات مخالفاتٌ مستحكمة، وأهواء متمكنة، تقتضي في إزالتها فقهًا يُقدِّم ويُؤخر، وقد عَلَّمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في سنته بقوله وفعله أن الفرائض قَبْلَ النوافل، وأن العقيدةَ قَبْلَ غيرِها، وأنَّ المنكرات الكبار والبدع المغلَّطة تُنْكَرُ أولًا، وأن التربية الربانية تمرُّ بمراحلَ متعددةٍ، لكلٍّ منها ما يميَّزها في أهدافها ومناشطها، وأن كل مرحلة تُطْوَى في وقتها، من غير تعجُّلٍ أو اعتسافٍ في طيِّها، أو تثاقُلٍ وتباطُؤٍ في إنجازها.
فالتدرُّج في التنفيذ والعمل من شأنه أن يحفظ مكتسباتِ الدعوات، ويكثِّرَ في المستقبل المنجزات، وبإهمال هذه الأولوية وقعتِ الدعواتُ في مآزقَ عمليةٍ فمرتْ بها السنون؛ فلا هدفَ تحقق، ولا واقعَ تغير،