كذلك أيضاً: عليه أن يتقي الله في حقوق والديّ الزوجة من الصلة والبر، فصلة أهل الزوجة واجبةٌ على الزوج، كما هي واجبةٌ على ابنتهم أي: زوجته، فلا يقطعهم من زيارة، وإذا زارهم زارهم كريماً محباً مشتاقاً يُظهِر المودة والمحبة، ويجعل من هذه الزيارة تأكيداً لما بينه وبين هذه الرحم من صلة؛ فإذا نظر الله إلى ذلك، رضي عنه، وجعل له الخير في حياته، فنعمت عين الزوجة وهي ترى أهلها في كرامةٍ من بعلها، الأمر الذي ينعكس بالآثار الحميدة في معاملتها لأهله.
وإذا زار رحمه فإن عليه أن يتوخى الآداب، يتوخى آداب الزيارة في مواقيتها، وكذلك في الدخول والاستئذان، وفي الجلوس، فيراعي الحرمات، ولا يبالغ في الدخول إلى البيت والجلوس ساعات طويلة، والدخول في عورات البيت، إلى غير ذلك مما لا يليق بالكريم ولا ينبغي للمؤمن، بل عليه أن يزور زيارة يحفظ بها ماء وجهه، ويكون متسربلاً بسربال التقوى الذي يحبهُ الله ويرضى.
وإذا جلس مع والد زوجته، أجلّه وأكرمه، فإذا لقيه تبسم في وجهه، حافظاً لعهده، فالغالب أن والد الزوجة ينزل منزلة الوالد؛ إما لكبر السن أو لعظم الحق، وهو جد لأبنائه وبناته فعليه يجله ويكرمه ويقدره وينزله منزلته.
فإذا ما اجتمع معه في مجلس فمن حقه عليه أن يحفظ العورة، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن علي رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: (كنت رجلاً مذاءً -أي: كثير المذي- فكنت أغتسل حتى تشقق ظهري، فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني) .
استحييت أن آتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن أواجهه وأقول: إني مصابٌ بكذا وكذا، مع أنه مضطر، ومع أنه في دين وعبادة، ولكن الكريم كريم، كريم في أدبه ووده وحفظه لماء وجهه.
فينبغي على الزوج أن يحفظ حق رحمه، فلقد ضيع بعض الناس في هذا الزمان الحياء، فأصبح المجلس يجمعه بوالد زوجته فلا يستحي ولا ينكف عن ذكر أمورٍ يخجل من ذكرها أمامه، وهذا لا شك أنه إساءة، يقول بعض العلماء: (أجمع العقلاء على أن هذا من باب الإساءة والإهانة لوالد الزوجة، أن يذكر الزوج عنده ما يستحيا من ذكره) ، فهذه آداب ومكارم وأخلاق ينبغي حفظها والعناية بها.