وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} فنسب الخلق والهداية والإحسان بالطعام والسقي إلى الله تعالى ولما جاء إلى ذكر المرض قال وإذا مرضت ولم يقل أمرضني، وقال فهو يشفين ومنه قوله تعالى حكاية عن مؤمني الجن: {وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً} فنسبوا إرادة الرشد إلى الرب وحذفوا فاعل إرادة الشر وبنوا الفعل للمفعول. ومنه قول الخضر عليه الصلاة والسلام في السفينة: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} فأضاف العيب إلى نفسه وقال في الغلامين: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} ومنه قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}. فحذف الفاعل وبناه للمفعول وقال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا}. لأن في ذكر الرفث ما يحسن منه أن لا يقترن بالتصريح بالفاعل. انتهى.

- حكم وصف الله عز وجل بأفعال خلقه السيئة باعتبار أنه خالقها:

لا يجوز وصف الله عز وجل بأفعال خلقه السيئة وإن كان خالقها. قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم "وكونُه خَلَقَ أفعالَ العباد وفيها الظلم لا يقتضي وصفه بالظلم سبحانه وتعالى، كما أنَّه لا يُوصف بسائر القبائح التي يفعلها العباد، وهي خَلْقُهُ وتقدِيرُه، فإنَّه لا يُوصَف إلاَّ بأفعاله، لا يوصف بأفعال عباده، فإنَّ أفعالَ عباده مخلوقاته ومفعولاته، وهو لا يوصف بشيء منها، إنَّما يوصف بما قام به مِن صفاته وأفعاله، والله أعلم" ... انتهى.

ثم إن الله عز وجل قد تبرأ من الشرك والظلم والكفر وأهله فلذلك توعد الكفار والمشركين والظالمين بالعذاب يوم القيامة , ولكنه قد شاء الكفر والظلم في الحياة الدنيا لحكم ومصالح من وراء ذلك , وفرق بين فعل الله سبحانه وبين ما هو مفعول مخلوق له، وليس في خلقه ما هو ظلم منه وإن كان بالنسبة إلى فاعله الذي هو المخلوق هو ظلم، كما أن أفعال الإنسان هي بالنسبة إليه تكون سرقة وزنا وصلاة وصوماً، والله تعالى خالقها بمشيئته، وليست بالنسبة إليه كذلك؛ إذ هذه الأحكام هي للفاعل الذي قام به هذا الفعل، كما أن الصفات هي صفات للموصوف الذي قامت به لا للخالق الذي خلقها وجعلها صفات، والله - تعالى - خلق كل صانع وصنعته كما جاء ذلك في الحديث، وهو خالق كل موصوف وصفته.

ثم صفات المخلوقات ليست صفات له؛ كالألوان والطعوم والروائح لعدم قيام ذلك به , وكذلك حركات المخلوقات ليست حركات له ولا أفعالاً له بهذا الاعتبار؛ لكونها مفعولات هو خلقها , وبهذا الفرق تزول شبه كثيرة.

ولهذا ألزم السلف بعض أهل البدع في القدر أن يكون ما أحدثه من الكلام في الجمادات كلامه، وكذلك أيضاً ما خلقه في الحيوانات، ولا يفرق حينئذ بين نطق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015