وذكر الذهبي في التذكرة أن المغيرة بن مقسم وعلي بن زيد بن جدعان وحفص بن عمر وأبو العباس الرازي ولدوا عميانا وأكرمهم الله بالذكاء والحفظ والعلم، وقد ذكر أهل الأدب والتاريخ أن بشار بن برد الشاعر ولد أعمى. قال ابن كثير في البداية: ولد أعمى، وقال الشعر وهو دون عشر سنين، وله التشبيهات التي لم يهتد إليها البصراء، وقد أثنى عليه الأصمعي والجاحظ وأبو تمام وأبو عبيدة.
وذكر ابن كثير في البداية والنهاية والخطيب في تاريخ بغداد أن الحسن بن علي بن ثابت المقري ولد أعمى، وكان يحضر مجلس ابن الأنباري فيحفظ ما يقول وما يمليه كله. وذكر أنه نظم قصيدة في القراءات السبع، وكانت تعجب بعض العلماء.
أمّا الذين يموتون وهم صغار, فربما لو عاشوا لفسدوا, أو أفسدوا في الأرض, وأصبحوا من أهل النار, فحين يقبضهم الله في الصغر, فهذا رحمة بهم, وبمن حولهم, مثل الولد الذي قتله الخضِر, ووردت قصته في سورة (الكهف) وأطفال المسلمين في الجنة, يسرحون فيها حيث شاءوا (والجمهور على أن أطفال الكفار أيضاً في الجنة) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صغاركم دعاميص الجنة, يتلَّقى أحدهم أباه فيأخذ بثوبه, فلا ينتهي حتى يدخله الله وأباه الجنة)) [صحيح الجامع:3764] (الدعموص) قيل إنه نوع من السمك الصغير كثير الحركة, أو هو الزوّار للملوك, الذي يدخل ويخرج من عندهم كما يشاء, بغير إذن ولا حاجب يحجبه, وقد شبّه بذلك الأطفال لكثرة دخولهم وخروجهم ولعبهم في الجنة.
وقال صلى الله عليه وسلم: «النبي في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود والوليدة»، وفي لفظ: «والمولود في الجنة، والوئيد في الجنة»، وهذا عام لم يخصه النبي صلى الله عليه وسلم: بأطفال المؤمنين دون غيرهم.
ومما يشهد له قوله صلى الله عليه وسلم: «سألت ربي اللاهين من ذرية البشر أن لا يعذبهم، فأعطانيهم».
وبهذا يختلف أطفال المشركين عن والديهم في أحكام الآخرة، ويظهر عظم هذه النعمة على أطفال المشركين من حيث إن أحدهم لو عاش إلى ما بعد البلوغ لكان على دين آبائه -غالباً- فيموت يوم يموت وهو مشرك، ويكون يوم القيامة من أصحاب الجحيم، فكان موته صغيراً قبل التكليف ولو مظلوماً خيراً له من موته بالغاً مشركاً.
إذن فما رآه الناس مما يصيب الأطفال من المكاره شراً وخسارةً في الدنيا كان خيراً وكسباً في الآخرة مع الصبر والاحتساب.