بالبكاء، فقال له رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما يبكيك يا عمر؟» فقال: يا رسول اللَّه، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت صفوة اللَّه من خلقه! فقال: «أو في شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عُجِّلَت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا». فكان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أزهد الناس في الدنيا مع القدرة عليها إذا حصلت له ينفقها هكذا وهكذا في عباد اللَّه، ولم يدخر لنفسه شيئًا لغد.

عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد أن رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح اللَّه لكم من زهرة الدنيا»، قالوا: وما زهرة الدنيا يا رسول اللَّه؟ قال: «بركات الأرض» (?).

وقال قتادة والسدي: {زَهْرَةَ الْحَيَاةِ} يعني: زينة الحياة الدنيا.

وقال قتادة: {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} لنبتليهم، وقوله: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} أي: استنقذهم من عذاب اللَّه بإقام الصلاة واصبر أنت على فعلها، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6]. وقوله: {لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ} يعني: إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب، كما قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3]،. ولهذا قال: {لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ}، وقال الثوري: لا نسألك رزقا: أي: لا نكلفك الطلب. وقال ابن أبي حاتم، عن ثابت قال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أصابه خصاصة نادى أهله يا أهلاه صلوا، صلوا، قال ثابت: وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة. وقال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يقول اللَّه تعالى يا ابن آدم، تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنىً وأسد فقرك، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلاً ولم أسدّ فقرك» (?).

وعن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «من كانت الدنيا همه فرق اللَّه عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع له أمره، وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة» (?)، وقوله: {وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} أي: وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة وهي الجنة لمن اتقى اللَّه (?) .. انتهى.

ثالثًا: يقول رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لو كانت الدنيا تعدل عند اللَّه تعالى جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء». رواه الترمذي وصححه. وصححه الألباني.

وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور:

جاء في «مختصر منهاج القاصدين» ما مختصره:

الآيات الواردة في القرآن العزيز بعيب الدنيا، والتزهيد فيها، وضرب الأمثال لها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015