أو ابتغاء شكر، ثم أنشد الأحنف متمثلاً قول الشاعر:
أنت للمال إذا أمسكته فإذا أنفقته فالمال لك
وقوله تعالى: {كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ - ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} قال الحسن البصري: هذا وعيد بعد وعيد، وقال الضحاك: {كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} يعني: أيها الكفار، {ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} يعني: أيها المؤمنون، وقوله تعالى: {كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} أي: لو علمتم حق العلم لما ألهاكم التكاثر عن طلب الدار الآخرة حتى صرتم إلى المقابر ثم قال: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ - ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} هذا تفسير الوعيد المتقدم، وهو قوله: {كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ - ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} توعدهم بهذا الحال وهو رؤية أهل النار، التي إذا زفرت زفرة واحدة، خرّ كل ملك مقرب ونبي مرسل على ركبتيه، من المهابة والعظمة ومعاينة الأهوال، على ما جاء به الأثر المروي في ذلك.
وقوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} أي: ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم اللَّه به عليكم، من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك، ما إذا قابلتم به نعمه من شكره وعبادته (?). انتهى.
ثانيًا: قال اللَّه تعالى: {وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى - وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 131، 132].
قال ابن كثير رحمه اللَّه تعالى: يقول تعالى لنبيه محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا تنظر إلى هؤلاء المترفين وأشباههم ونظرائهم وما فيه من النعيم، فإنما هو زهرة زائلة ونعمة حائلة لنختبرهم بذلك وقليل من عبادي الشكور، وقال مجاهد: {أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ} يعني: الأغنياء، فقد آتاك خيرًا مما آتاهم. ولهذا قال: {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}. وفي «الصحيح» أن عمر بن الخطاب لما دخل على رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في تلك المشربة التي كان قد اعتزل فيها نساءه حين آلى منهن، فرآه متوسدًا مضطجعًا على رمال حصير، وليس في البيت إلا صبرة من قرظ (?) واهية معلقة، فابتدرت عينا عمر