السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102]، وهو من الموبقات «المهلكات» السبع الذي صح عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأمر باجتنابها، لما رواه البخاري ومسلم أن رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات» قالوا: وما هن يا رسول اللَّه؟ قال: «الشرك باللَّه، والسحر، وقتل النفس التي حرم اللَّه، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات».
فمن أراد معرفة مدى حرمة هذه الموبقة، ومعرفة أنواع السحر، وأقوال العلماء في قتل الساحر، وهل إذا تاب الساحر تقبل توبته أم لا؟ فليرجع إلى «تفسير ابن كثير» رحمه اللَّه (?) لهذه الآية، وأيضًا تفسير (قل أعوذ برب الفلق).
جاء في «زاد المعاد» لابن القيم رحمه اللَّه ما مختصره:
والمقصود ذكر هديه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في علاج هذا المرض، وقد روي عنه فيه نوعان:
أحدهما: وهو أبلغهما: استخراجه وإبطاله كما ثبت ذلك في الصحيح.
والنوع الثاني: الاستفراغ في المحل الذي يصل إليه أذى السحر [وذكر رحمه اللَّه الحجامة كمثل لذلك]. ومن أنفع علاجات السحر الأدوية الإلهية فالقلب إذا كان ممتلئًا من اللَّه مغمورًا بذكره وله من التوجهات والدعوات والأذكار والتعوذات وورد لا يخل به يطابق فيه قلبه لسانه، كان من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له، ومن أعظم العلاجات له بعد ما يصيبه.
وعند السحرة: أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة، والنفوس الشهوانية التي هي معلقة بالسفليات، ولهذا فإن غالب ما يؤثر في النساء، والصبيان، والجُهال، وأهل البوادي، ومن ضعف حظه من الدين والتوكل والتوحيد ومن لا نصيب له من الأوراد الإلهية والدعوات والتعوذات النبوية (?). انتهى من «زاد المعاد».