جاء في «زاد المعاد» لابن القيم رحمه اللَّه تعالى ما مختصره:
أخرجا في «الصحيحين» من حديث عطاء بن أبي رباح، قال: قال ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع اللَّه لي، فقال: «إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت اللَّه أن يعافيك» فقالت: أصبر، قالت: فإني أتكشف، فادع اللَّه ألا أتكشف، فدعا لها.
قلت: الصرع صرعان: صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية (?)، وصرعٌ من الأخلاط الرديئة. والثاني: هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه .. إلى أن قال رحمه اللَّه تعالى: وعلاج هذا النوع - أي الأول - يكون بأمرين: أمر من جهة المصروع، وأمر من جهة المعالج، فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه، وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها، والتعوّذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان، فإن هذا نوع محاربة، والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين: أن يكون السلاح صحيحًا في نفسه جيدًا، وأن يكون الساعد قويًّا، فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائل، فكيف إذا عدم الأمران جميعًا: يكون القلب خرابًا من التوحيد، والتوكل، والتقوى، والتوجه، ولا سلاح له.
والثاني: من جهة المعالج، بأن يكون فيه هذان الأمران أيضًا، حتى إن من المعالجين من يكتفي بقوله: «اخرج منه» أو بقول: «بسم اللَّه» أو بقول: «لا حول ولا قوة إلا باللَّه» والنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول: «اخرج عدو اللَّه أنا رسول اللَّه» (?).