جَلاَبِيبِهِنَّ}: في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها من الأجنبي وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع أهل الريب فيهن (?).

فأصل مذهب الإمام أبي حنيفة جواز كشف المرأة وجهها في الحالات العامة، على وجود [الأمة المسلمة العفيفة في رجالها ونسائها]. أما إذ تغيرت الحالة العامة ولم يؤمن فيها من الفتنة فيجب على المرأة أن تستر جميع بدنها ووجهها وكفيها، سدًّا لذرائع الفساد وعوارض الفتن.

فحكم وجه المرأة وكفيها في المذهب الحنفي في مثل أيامنا هذه كحكمه في باقي المذاهب الأربعة وهو: حرمة كشف المرأة وجهها لغير ضرورة، واللَّه أعلم.

وبالجملة فقد اتفقت مذاهب الفقهاء وجمهور الأئمة على أنه: لا يجوز للنساء الشواب كشف الوجوه والأكف بين الأجانب، ويستثنى فيه العجائز (?) لقوله: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء}، والضرورات مستثناة من الجميع بالإجماع.

فلم يبق للحجاب المشروع إلا الدرجتان الأوليان: القرار في البيوت وحجاب الأشخاص وهو الأصل. والثانية خروجهن لحوائجهن مستترات بالبراقع والجلابيب وهو الرخصة للحاجة، ولا شك أن كلتا الدرجتين منه مشروعتان، غير أن الغرض من الحجاب لما كان سد الذرائع، وفي خروجهن من البيوت ولو للحوائج والضرورات مظنة فتنة، شرط اللَّه تعالى ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شروطًا يجب عليهن التزامها عند الخروج (?).

ما يدل على وجوب ستر الوجه مطلقًا:

1 - قال القرطبي عند قوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}: الزينة على قسمين: خِلقية ومكتسبة، فالخلقية: وجهها، فإنه أصل الزينة وجمال الخلقة، ومعنى الحيوانية لما فيه من المنافع وطرق العلوم، وأما الزينة المكتسبة: فهي ما تحاوله المرأة في تحسين خلقتها كالثياب والحلي والكحل والخضاب، ومنه قوله تعالى: {خُذُواْ زِينَتَكُمْ} [الأعراف: 31].

وقال الشاعر:

يأخذن زينتهن أحسن ما ترى وإذا عطلن فهن خير عواطل

وقال: ومن الزينة ظاهر وباطن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015