بلغت التقنية الحديثة ومخترعاتها مبلغًا، وصل في بعضها حد اللعب بكرامة الإنسان أو استغلاله في إهدارها.

ومنه: ما يقوم به فرد من الناس باستعمال جهاز التنصت، ونقل المكالمات، لا سيما غير المغطاة، ويقضي ساعات ليله ونهاره في الفرجة على أحاديث الناس، وما يجري بينهم دون علم منهم، وهذا محرم لا يجوز، سواء عرف المتهاتفين، أم أحدهما، أم لم يعرفهما.

وقد ثبت من حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة». رواه البخاري في «صحيحه»، ونحوه في: «الأدب المفرد».

جـ- المعاكسة:

ومن [الناس] من يتصل على البيوت مستغلاً غيبة الراعي؛ ليتخذها فرصة عَلَّه يجد من يستدرجه إلى سفالته. وهذا نوع من الخلوة، أو سبيل إليها، وقد قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما رواه البخاري ومسلم: «إياكم والدخول على النساء» أي: الأجنبيات عنكم.

فهذا وأيم اللَّه، حرام، حرام، وإثم، وجناح، وفاعله حري بالعقوبة، فيخشى عليه أن تنزل به عقوبة تلوث وجه كرامته.

ومما ينسب للإمام الشافعي رحمه اللَّه تعالى:

إن الزنى دَيْنٌ فإن أقرضته كان الوفا من أهل بيتك فاعلم

نعوذ باللَّه من العار، ومن خزي أهل النار.

وعلى رب الدار، أن يبذل الأسباب، ويوفر الضمانات لحماية محارمه من العابثين، والسفهاء، ومن هذه الأسباب:

أن يكون «الهاتف» في مكان لا تغاب عنه الرقابة البيتية، مع منع تعدد أجهزة الهاتف في الدار، خاصة في غرف البنات، وأن ينظم الراعي مع أهل بيته، من يتولى الرد على الهاتف، وآداب الرد، وعدم الاسترسال مع المتصل، وهكذا مما لا يخفى على محبي العفة والكرامة.

د- سعار الاتصال:

احذر فضول المهاتفة، حتى لا يصيبك سعار الاتصال، فكم من مصاب به، فمن حين يرفع رأسه من نومته، يدني [مذكرة الهواتف] ولا كالطفل يلتقم ثدي أمه، فيشغل نفسه، وغيره، عبر الهاتف، من دار إلى دار، من مكتب إلى آخر، يروح عن نفسه [في ظنه] ويلقي بالأذى على غيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015