وفي مواساة مصاب بقريب، أو مال، أو نحوه، فكم في المواساة من تسلية المصاب.
ولا تحجبك المهاتفة عن سُنَّةِ نقل الخُطَى إلى هذه الفضائل، ولكن حيث تقصر بك الحال عن الزيارة.
وإذا كانت زيارة المريض والمصاب خفيفة، مقدرة بجلسة الخطيب بين الخطبتين، فلتكن المكالمة الهاتفية كذلك. هذا هو الأصل، ومن يأنس بك فله حال لا تخفى.
المهاتفة المؤذية:
أذية المسلم حرام، وتخوّنه حرام، وهتك حرماته حرام.
ومن هذه الأذايا ما يقع في المهاتفة، ومنها:
أ- الخيانة المضاعفة:
لا يجوز لمسلم يرعى الأمانة ويبغض الخيانة، أن يسجل كلام المتكلم دون إذنه، وعلمه، مهما يكن نوع الكلام: دينيًا، أو دنيويًا، كفتوى، أو مباحثة علمية، أو مالية، وما جرى مجرى ذلك.
وقد ثبت من حديث جابر بن عبد اللَّه الأنصاري - رضي اللَّه عنه - أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا حدث الرجل الرجل فالتفت فهي أمانة» (?) رواه أحمد وأبو داود، والترمذي.
(ومعنى: «التفت» أي؛ ظهر من حال المتكلم بالقرائن: حذره بالتفاته يمينًا وشمالاً، أن لا يسمع حديثه أحد (?) فتكون الكلمة التي حدثك صاحبك بها أمانة عند المحدَّث أودعه إياها، فإن حدث بها غيره، فقد خالف أمر اللَّه، حيث أدى الأمانة إلى غير أهلها، فيكون من الظالمين، فيجب عليه كتمها؛ إذ التفاته بمنزلة استكتامه بالنطق، قالوا: وهذا من جوامع الكلم). انتهى.
فإذا سجلت مكالمته دون إذنه وعلمه، فهذا مكر وخديعة، وخيانة للأمانة.
وإن نشرت هذه المكالمة للآخرين، فهي زيادة في التخون، وهتك الأمانة.
وإن فعلت فعلتك الثالثة: التصرف في نص المكالمة بتقطيع، وتقديم وتأخير، ونحو ذلك إدخالاً أو إخراجًا - فالآن ترتدي الخيانة مضاعفة، وتسقط على أم رأسك في: «أم الخبائث» غيرَ مأسوف على خائن.
ب - جهاز التنصت: