أن العشق لما كان مرضًا من الأمراض، كان قابلاً للعلاج، وله أنواع من العلاج، فإن كان مما للعاشق سبيل إلى وصل محبوبه شرعًا وقدرًا، فهو علاجه، كما ثبت في «الصحيحين» من حديث ابن مسعود رضي اللَّه عنه، قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» فدل المحبَّ على علاجين: أصلي، وبدلي. وأمره بالأصلي، وهو العلاج الذي وضع لهذا الداء، فلا ينبغي العدول عنه إلى غيره ما وجد إليه سبيلاً.
وروى ابن ماجه في «سننه» عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «لم نر للمتحابين مثل النكاح» (?)، وهذا هو المعنى الذي أشار إليه سبحانه عقيب إحلال النساء حرائرهن وإمائهن عند الحاجة بقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28] فذكرُ تخفيفه في هذا الموضع، وإخباره عن ضعف الإنسان يدل على ضعفه عن احتمال هذه الشهوة، وأنه سبحانه خفف عنه أمرها بما أباحه له من أطايب النساء مثنى وثلاث ورباع، وأباح له ما شاء مما ملكت يمينه، ثم أباح له أن يتزوج بالإماء إن احتاج إلى ذلك علاجًا لهذه الشهوة، وتخفيفًا عن هذا الخلق الضعيف، ورحمة به.
ومن وسائل العلاج التي ذكرها رحمه اللَّه:
فليتذكر قبائح المحبوب، وما يدعوه إلى النفرة عنه، فإنه إن طلبها وتأملها وجدها أضعاف