التوبة وإن أسقطت حق اللَّه فحق العبد باق له المطالبة به يوم القيامة، فإن من ظلم الوالد بإفساد ولده وفلذة كبده ومن هو أعز عليه من نفسه، وظلم الزوج بإفساد حبيبته والجناية على فراشه - أعظم ممن ظلمه بأخذ ماله كله، ولهذا يؤذيه ذلك أعظم مما يؤذيه أخذ ماله ولا يعدل ذلك عنده إلا سفك دمه، فيا له من ظلم أعظم إثمًا من فعل الفاحشة، فإن كان ذلك حقًّا لغاز في سبيل اللَّه أوقف له الجاني الفاعل يوم القيامة، وقيل له: «خذ من حسناته ما شئت» كما أخبر بذلك النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فما ظنكم؟» (?) أي: فما تظنون يبقي له من حسناته؟ فإن انضاف إلى ذلك أن يكون المظلوم جارًا، أو ذا رحم محرم، تعدد الظلم وصار ظلمًا مؤكدًا لقطيعة الرحم وأذى الجار، (ولا يدخل الجنة قاطع) (?) رحم (ولا من لا يأمن جاره بؤائقه) (?).

فإن استعان العاشق على وصال معشوقه بشياطين الجن، إما بسحر أو استخدام أو نحو ذلك ضم إلى الشرك والظلم كفر السحر، فإن لم يفعله هو ورضي به كان راضيًا بالكفر غير كاره له لحصول مقصوده، وهذا ليس ببعيد من الكفر.

والمقصود: أن التعاون في هذا الباب تعاون على الإثم والعدوان.

وأما ما يقترن بحصول غرض العاشق من الظلم المنتشر المتعدي ضرره، فأمر لا يخفى إذا حصل له مقصوده من المعشوق، فللمعشوق أمور أخرى يريد من العاشق إعانته عليها فلا يجد من إعانته بدًّا، فيبقى كل منهما يعين الآخر على الظلم والعدوان، فالمعشوق يُعين العاشق على ظلم من اتصل به من أهله وأقاربه وسيده وزوجه، والعاشق يعين المعشوق على ظلم من يكون غرض المعشوق متوقفًا على ظلمه، فكل منهما يعين الآخر على أغراضه التي يكون فيها ظلم الناس، فيحصل العدوان والظلم للناس بسبب اشتراكهما في القبح لتعاونهما بذلك على الظلم، وكما جرت به العادة بين العاشق والمعشوق؛ من إعانة العاشق لمعشوقه على ما فيه ظلم وعدوان وبغي، حتى ربما يسعى له في منصب لا يليق به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015