ومنهم قارون، وكان ابن عم موسى: قال الله تعالى: " وأتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولى القوة ".

وقال عز وجل: " فخرج على قومه في زينته ".

وكان قارون أيسر أهل الدنيا.

ومنهم: هامان، قال تعالى: " وقال فرعون يأيها الملأ ما علمت لكم من إلهٍ غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحاً ".

ومنهم فيما يقال: الخضر عليه السلام، وروى بعض أهل العلم أنه ابن فرعون موسى لصلبه، وكان آمن بموسى، وجاز البحر معه، وكان مقدما عنده، وكان نبياً.

ومنهم: وزراء فرعون وجلساؤه، ذكر الله تعالى عنهم في كتابه حسن المحضر ورجاحة العقل، قال تعالى حكاية عن فرعون: " قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحارٍ عليم ".

فهل في الدنيا جلساء ملك أرجح عقلا واحسن محضرا منهم؟ حيث أنصفوا، وأمروا أن يمتحن بمثل ما وقع لهم أنه يشبه ما جاء به، ولم يكونوا في المنزلة وقبح المحضر كوزراء نمرود، حين شاورهم في إبراهيم عليه السلام.

قال تعالى حكاية عنهم: " قالوا حرقوه وانصروا ألهتكم إن كنتم فاعلين ".

ذكر الله عز وجل ذلك عنهم في كتابه العزيز.

ومنهم: السحرة الذين تجمعوا لموسى حين رأوا آيات موسى لم يصروا على الكفر، ولم يلبثوا أن آمنوا وسجدوا لله عز وجل.

قال تعالى في كتابه: فألقى السحرة ساجدين قالوا أمنا برب العالمين رب موسى وهارون وفي آيات كثيرة كرر ذكرهم وأثنى عليهم.

" فاقض ما أنت قاضٍ إنما تقضى هذه الحياة الدنيا ".

وروى ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة السبئي، وبكر بن عمر والخولاني، ويزيد بن أبي حبيب، قالوا: كان عدد السحرة اثنى عشر ساحراً تحت يدي كل ساحر منهم عشرون عريفا. تحت يدي كل عريف منهم ألف من السحرة فكان جميع السحرة مائتي ألف وأربعين ألفا ومائتين واثنين وخمسين إنسانا بالرؤساء والعرفاء.

وأجمعت الرواة على أنه لا يعلم جماعة أسلمت في ساعة واحدة أكثر من جماعة القبط، وروى أنه لم يفتتن رجل واحد منهم كما افتتن بنو إسرائيل بعبادة العجل.

وروى أن عبد الله بن عمر وقال: القبط أكرم الأعاجم محتداً، وأسمحهم يداً، وأفضلهم عنصراً، وأقربهم رحماً بالعرب كافة، وبقريش خاصة.

وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مصر أطيب الأرضين ترابا، وعجمها أكرم العجم أنسابا ".

وقال بعض أهل العلم: لم يبق من العجم أمة إلا وقد اختلطت بغيرها إلا قبط مصر.

وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حين مات ابنه إبراهيم: " لو عاش كان صديقا نبيا، وإن له لمرضعتين في الجنة، ولو عاش لعتقت القبط وما استرق أحد منهم أبدا ".

ذكر من أظهرته مصر من الحكماء

منهم: نيروز أبو بختنصر من أهل قرية يقال لها: سيسرو من كورة أرمنت وكان رجلا من أهل العلم فنظر في علمه فإذا به يخرج من صلبه رجل يخرب مصر فأعطى الله عز وجل موثقا أنه لا ينكح امرأة أبداً. وخرج إلى الشام ثم إلى العراق، فأقام بفارس بقرية يقال لها نفر وكان لملك تلك القرية ابنة بها لمم، فوصف المصري لها دواء لعلاجها.

فلما رآها شاهد حسنا بارعا وخطبها من أبيها فدخل عليها فجرت بينهما أسباب حتى حملت منه، فوضعت بختنصر فجرى خراب الدنيا على يديه.

ومنهم: الإسكندر ذو القرنين، من أهل قرية نحو الإسكندرية يقال لها لوبية، ملك الأرض بأسرها، وذكره الله في كتابه العزيز باسمه، فقال تعالى: " ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكراً إنا مكنا له في الأرض وأتيناه من شيءٍ سببا فأتبع سبباً حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ ووجد عندها قوماً قلنا ياذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا ".

وبنى سد يأجوج ومأجوج، قال الله تبارك وتعالى: " قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سداً قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوةٍ أجعل بينكم وبينهم ردماً أتوني زبر الحديد " وبنى الإسكندرية ويروى أنها: " إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015