وعثمان بن عفان له فضائل كثيرة، فهو من السابقين في الإسلام، وهو الذي أنفق ماله كله أو جله في سبيل الله، فخاب وخسر من قال: إنه كان يأخذ من بيت مال المسلمين، يعني: الذين يقولون بالحرب الدائرة على عثمان أن من المآخذ عليه أنه كان يأخذ من بيت مال المسلمين، وينفق على نفسه وينفق على ذويه، وحتى عثمان نفسه قال: أفيكم طلحة؟ أفيكم علي؟ واستشهدهما على أنه كان أغنى المسلمين مالاً، وأنفق جل ماله في سبيل الله، وكفى عثمان فضلاً أن عبد الرحمن بن عوف عندما مات عمر بن الخطاب وكتب في الوصية أن الخلافة تكون في رجل من الستة أصحاب الشورى، فلما اجتمعوا نزل كل رجلين لواحد من هؤلاء، فصارت ثلاثة أسهم لـ علي وثلاثة أسهم لـ عثمان فذهب عبد الرحمن بن عوف فقال لـ علي لو لم تأخذ أنت الولاية من يكون أحق بها غيرك؟ قال: عثمان، وقال لـ عثمان: لو لم تتول إمرة المسلمين من أحق بها غيرك من الموجودين، فقال: علي بن أبي طالب، فانظروا إلى الإنصاف، وانظروا إلى إحقاق الحق ولو على النفس، مع أن كل واحد منهما قام ليصلي على عمر، فقام علي يتقدم ليصلي إماماً على عمر وقام عثمان يتقدم ليصلي على عمر فـ عبد الرحمن بن عوف قال: لا، أنتما في محل اختيار الولاية، فمن تقدم للصلاة منكما فقد تقدم للولاية، وحجبهما عن الصلاة على عمر رضي الله عنه وأرضاه، ومع ذلك علي يقول: عثمان، وعثمان يقول: علي، لكن ظهر فضل عثمان؛ ولذلك شيخ الإسلام ابن تيمية تكلم ببصر نافذ فقال: من قدم علياً على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار، فهم أفضل الناس على الإطلاق، فقال عبد الرحمن بن عوف: والله ما دخلت بيتاً من بيوت الأنصار ولا المهاجرين ولا جلست مع جماعة منهم إلا ما عدلوا عن عثمان بأحد، أي: ما فضلوا أحداً على عثمان، قال: حتى النساء في خدورهن ما اخترن إلا عثمان بن عفان؛ ولذلك أجمع المتأخرون على فضل الأربعة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم وأرضاهم.