خوفه وزهده وتواضعه ووفاته رضي الله عنه

عن سعد بن إبراهيم عن أبيه أن عبد الرحمن بن عوف أتي بطعام وكان صائماً، فقال: قتل مصعب رضي الله عنه وأرضاه وهو خير مني، فكفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطيت رجلاه بدا رأسه، ثم قال: وقتل حمزة أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم وهو خير مني، فلم يوجد له ما يكفن به إلا بردة، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام.

وعن نوفل بن ياسر البري قال: (كان عبد الرحمن لنا جليساً، وكان نعم الجليس -لأنه كان دائماً يذكرهم بالله جل في علاه ويذكرهم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم- وإنه انقلب بنا يوماً حتى دخلنا بيته، ودخل فاغتسل ثم خرج فجلس معنا، وأتانا بصحفة فيها خبز ولحم، فلما وضعت بكى عبد الرحمن بن عوف، فقلنا له: يا أبا محمد ما يبكيك؟ فقال: هلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع هو وأهل بيته من خبز الشعير ولا ترانا إلا عجلت لنا طيباتنا في هذه الحياة الدنيا)، فليخش كل من فتحت عليه الدنيا إن لم ير في هذا المال حقه أن الله سبحانه قد استدرجه بهذا المال.

وعن سعيد بن جبير قال: كان عبد الرحمن بن عوف لا يعرف من بين عبيده؛ لأنه كان متواضعاً، كأنه مثل الرقيق يحمل كما يحملون ويأكل كما يأكلون، ويسير كما يسيرون، والتواضع سمة الصالحين المتقين المؤمنين.

وعن أيوب السختياني عن محمد أن عبد الرحمن بن عوف توفي، وكان فيما ترك ذهب ومال، فأخرج ذلك في سبيل الله جل في علاه.

توفي عبد الرحمن بن عوف سنة اثنتين وثلاثين، ودفن بالبقيع وهو ابن اثنتين وسبعين سنة ويقال: وهو ابن خمس وسبعين سنة.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015